الأحد , مايو 19 2024
شام تايمز

الخرزة الزرقاء.. الخرافة التي اعترفت بها الـ''يونسكو''

الخرزة الزرقاء.. الخرافة التي اعترفت بها الـ”يونسكو”
يميل بعض الناس إلى الاعتقاد بقوى خفية شريرة تسبب لهم الأذى والضرر، لذا يلجأون إلى بعض التمائم والطلاسم والتعاويذ لدرء اللعنات والحماية منها، ولا يقتصر ذلك الاعتقاد على منطقة ما في فترة زمنية محددة، حيث لا يخلو مجتمع من معتقدات دينية وأسطورية عن قوى الشر ووسائل سحرية للحماية والوقاية منها، وأحد أشهر هذه المعتقدات وأكثرها تقبلاً وانتشاراً هو العين والحسد، و الخرزة الزرقاء، التى تبطل سحر قوى الشر الخفية.
ما زالت الخرزة الزرقاء بكل أشكالها، رغم ما يشهده العام من تطور وتقدم متربعةً في قلوب البعض، كمانعة للحسد، وجالبة للحظ، ومع انتشارها الواسع في جميع البلدان إلا أنه لا يوجد تاريخ محدد لأصل الخرزة الزرقاء.
فقد عرف المصريون القدماء اللون الأزرق، ومدى ارتباطه بالحسد، وذلك عن طريق (عين حورس) وهي عبارة عن شعار مصري قديم، يسٌتخدم للحماية من الحسٌد ومن الحيوانات الضارة ومن المرض وهي في شكل قلادة يتزين بها الشخص، وترمز الى القوة الملكية المستمدة من الآلهة “حورس” أو “رع”، وكانت تلك القلادة توضع أيضا على صدر مومياء فرعون لتحميه في القبر لتتوارث بعد ذلك داخل المجتمع المصري وكانت تلك العين على منقوشاتهم وتوابيتهم الفرعونية.
وتقول بعض الروايات إن أصل الخرزة يرجع إلى القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية.
من جهته، يكشف الباحث «سيريل ألدريد» في كتابه «مجوهرات الفراعنة»، أن الحلي التي كانت تُستخدم لتزيين الرقبة أو العنق تطورت عن شكل بدائي يتمثل في تلك التعويذة التي كانت تتدلى من خيط أو رباط يحيط بالعنق، والتي استخدمها الإنسان البدائي ليقي نفسه من القوى الخفية الموجودة في الطبيعة، والتي كان يعتقد أنها ترسل عليه الأعاصير والفيضانات والبراكين والزلازل، وتصيبه بالأمراض·
ويذكر ألدريد أن أكثر التمائم شيوعاً واستخداماً بين المصريين القدماء كانت التميمة أو الرقية المصنوعة من الخرز، وأنه لم تكن هناك أمة من أمم العالم القديم كله مثل مصر التي صنعت هذا القدر العظيم وهذه الكميات الهائلة من الخرز، لشعورهم بالجانب الجمالي في أشكال وألوان تلك المواد الطبيعية، إلى جانب اعتقادهم في القوى السحرية لتلك الخرزات· واختار الفراعنة اللون الأزرق لارتباطه بزرقة السماء التي تسبح فيها الشمس (رمز الإله رع عند المصريين القدماء)، وتعيش فيها الآلهة وتحمي الإنسان وتباركه·
وتختلف الروايات حول تفسير رمز الخرزة الزرقاء حيث يعتقد أن الشعوب السامية التي سكنت أطراف البحر المتوسط هي التي رسمت الكف التي تحمل العين الزرقاء، بهدف ترهيب الرومان الذين استعمروا بلدانهم في حقبة من التاريخ، وربما كانت العيون الزرقاء هي ما ميز الرومان عن الشعوب المستعمرة آنذاك، وهو تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر الجديد، فكانوا يحملون عصياً في أعلاها ذلك الرمز المخيف الذي يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بإلصاقه على أبوابهم.وفي ما بعد أصبحت رمزاً للحماية من كل شر، يحملونها في أعناقهم كقلائد أو يعلقونها على جدران منازلهم.
وعُرفت ايضاً العين الزرقاء في تهديد الرومان، لأن العيون الزرقاء هي الصفة التي تٌميز الرومان، ورفع هذا الرمز على العصي اعتراضا من الشعوب التي تستعمرها الرومان رفضا لحكمهم.
وتمثل العين المرسومة على خرزة كروية أو مفلطحة، وغالبا ما تكون زرقاء، شكل تميمة الخرزة الزرقاء التي ترمز لعين محدقة في الكون تقوم بدرء الشر وتحصن حاملها من المخاطر.
أما اللون الأزرق فيرمز للماء العذب الذي يعطي الحياة، فيما يرمز اللونان الأحمر والأخضر في بعض المعتقدات للخير والحظ، ما يفسر وجود تمائم حمراء وخضراء.
ومن جهة أخرى عرف الفنيقيون العين الزرقاء أو الخرزة الزرقاء وكانت رمزا لآلة القمر، وعند احتلالهم لبلاد المغرب تأثرت الحياة الاجتماعية للسكان، حيث تأثروا بعاداتهم وتقاليدهم كوضع “الخميسة ” على أبواب المنازل درئاً للعين والحسد.
كما يتم استعمالها في منطقة الشرق الأوسط حيث تأخذ التميمة شكل الكف وتسمى بـ “الخمسة” أو “يد فاطمة” أو “يد مريم”، وغالباً ماتكون زرقاء أيضاً.
وينتشر الاعتقاد بوجود ثلاثة أنواع للعنة عين الحسد فالأولى هي عين غير مقصودة التي تؤذي الآخرين والأشياء عن غير عمد، في حين الثانية تؤذي عن عمد، أما الثالثة فتكون مخفية وغير مرئية وتعد الأخطر، وهنا يأتي دور عين الخرزة الزرقاء، فهي تبصر كل أنواع الشرور وتعكس الشر ليعود على حامله بواسطة اللون الأزرق.
أما البابليون فيعتقدون أن “أم سبع عيون” لها دور وقائي من النفس الشريرة أو الشعاع المنبعث من العين الحاسٌدة حيث يتشتت أو ينقسم إلى سبعة أقسام تفقد قابليتها على الإيذاء للأشخاص المحسودين، لأنها تجذب لهم فتأتى العين فيها لا في الشخص.
ومن الشعوب التي عرفت الخرزة الزرقاء والعين الشعب التركي ويستخدم الأتراك بشكل خاص، الخرزة الزرقاء، في كل تفاصيل حياتهم، حيث يعتقد الأتراك حتى يومنا هذا، أنها ترد العين والحسد والنحس، ويتفنون في صناعتها، شكلا ولونًا، ويهتم بها كافة فئات المجتمع.
ولا يؤمن الأتراك بالخرزة من ناحية دينية، إنما يعتبرون أن هذه الخرزة الزرقاء، أو العين الواحدة، تعمل على جذب الانتباه، وبالتالي تشتيت تركيز العين الشريرة “الحاسدة”، والتخلص من تأثيرها السيء.
وتمكنت تركيا في عام 2014، من إدراج بعض من القيم الثقافية والتراثية إلى قائمة اليونسكو، وفيما يخص التراث الثقافي غير المادي، كانت على رأس تلك القيم الثقافية والتراثية، “ثقافة الخرزة الزرقاء”، مما يشكل لدى الأتراك قيمة تراثية وثقافية.
ولا يكاد يخلو بيتاً منها، كذلك الأسواق والمحال التجارية، وخاصة تلك التي تبيع (الإكسسوارات)، وأدوات زينة المنازل، فهي تحرص على إدخالها في كل شيء، لكثرة الطلب عليها من قبل الزبائن.
كما نجد عدد من الشعوب والمجتمعات العربية تحرص على اقتناء الخرزة الزرقاء او العين كنوع من الحلي والزينة داخل المنازل بكافة اشكالها كأن تأتي العين وسط كف او خرزة كبيرة زرقاء يتوسطها عين، لان المتعارف عليه ان اللون الأزرق من الألوان الهادئة والساحبة للطاقة السلبية.
المصدر: nessma.tv

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز

اترك تعليقاً