شهدت الليرة السورية تراجعات متكررة على مدى سنوات الحرب، مما دفع أصحاب الاستثمارات والمدخرات سواء كانوا صناعيين وتجار أو مواطنين للبحث عن طرق بديلة للحفاظ على قيمة رأس المال في ظل الخوف من تدهور الاقتصاد.
ومن أبرز الطرق التي لجأ إليها المواطنين لحماية مدخراتهم هي المعادن النفسية وأهمها الذهب بالإضافة للعملات الصعبة مع اتجاه قلة قليلة نحو الاستثمار بالأسهم على الرغم من إنها من أفضل الأساليب من الناحية القانونية ولناحية الحفاظ على رؤوس الأموال.
وللحديث عن موضوع الاستثمار بالأسهم وتوضيحها بشكل أوسع تواصلت سنسيريا مع الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السابق الذي أكد أن السهم هو جزء من ملكية في شركة مساهمة سواء كانت خاصة أو عامة مشيراً إلى أن أهمها الشركات المساهمة العامة محدودة المسؤولية، سواء أكانت هذه الشركة مصرفية أو صناعية أو زراعية أم خدمية.
موضحاً بأنه عند التأسيس يحتسب رأسمال الشركة على أسهم، وتكون القيمة الإسمية للسهم الواحد 100 ل س، وكمثال إذا كان رأسمال الشركة عند التأسيس هو مليون ل.س، فيكون عدد أسهمها كالتالي:
1000000 ÷ 100 = 10000 سهم يطرح منها حصة مؤسسي الشركة وليكن 30 %
أي 300000 ل.س ÷ 100 = 3000 سهم، والباقي 7000 سهم يتم طرحه في السوق للاكتتاب العام عليه لمن يرغب، أكان شخصاً طبيعياً أم شخصاً اعتبارياً سواء شركة أو مؤسسة أو نقابة، ولا يحق للشخص الطبيعي أن يكتتب على أكثر من 5 % أي 500 سهم من إجمالي الأسهم ولا يحق للشخص الاعتباري الاكتتاب على أكثر من 10 % أي 1000 سهم.
لماذا الاستثمار بالأسهم خيار مفضل على الاستثمار بالذهب والدولار؟
أوضح فضلية بأن مقولة الاستثمار بالأسهم أفضل من الذهب والدولار هي قاعدة تجارية صحيحة نسبياً، ولكن ليس دائماً وليس بشكل مطلق ولا في كل الفترات الزمنية، وقد تكون سليمة ومجدية نسبيا في بلد ما في فترة زمنية ما، وقد لا تكون كذلك في بلدان أخرى في نفس الفترة الزمني..
وأشار فضلية إلى إن الاستثمار لغاية تحقيق الربح أو لغاية الاكتناز، أكان بالأسهم أم بالذهب أم بالدولار فيتعلق بالعديد من العوامل والظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية والإنتاجية السائدة.
وحول الاستثمار بالأسهم، وتميزه على الاستثمار بالذهب والدولار، لا بد من التنويه إلى المخاطر المحتملة للاستثمار في الذهب والدولار حيث بين الخبير أن أبرز المخاطر هي مواجهة العقوبات التي نص عليها المرسوم (٣) الذي يمنع التعامل بالدولار، بالإضافة إلى مخاطر التذبذب المفتعل بأسعار الدولار في السوق السوداء عندما يعمد المضاربون إلى التقتير ببيعه بحجج مختلفة ويتهافتون إلى شرائه عند توقعهم أو تخطيطهم لارتفاع سعره والعكس صحيح وبالتالي فالاستثمار بالدولار يتربص به غالبا مخاطر المضاربة.
وأضاف أن عدم استقرار الأسعار العالمية للذهب والمحلية والتي نشهدها بين الحين والاخر والتي تتعلق بالخلل بين العرض والطلب الأمر الذي يتحكم به من جهة ثالثة وهي الظروف والتوترات الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية، وهذه الظروف لا يمكن التكهن بها.
وفي هذا السياق بين الخبير الاقتصادي أن سعر الذهب في سورية يتعلق بالأسعار العالمية، أي بمستوى سعره عالميا وسعر الدولار داخلياً حيث ينخفض بنفس نسبة انخفاض سعره عالمياً في حال ثبات سعر الذهب عالميا إلّا أنه في حال تزامن انخفاض سعر الذهب عالمياً مع محلياً فينخفض سعر الذهب في سورية بشدة بأثر مضاعف نتيجة لانخفاض كلا السعرين والعكس صحيح.
مزايا
وأكد فضلية أن الاستثمار بالأسهم أمن من حيث التغير في أسعارها باعتبار إن قيمة السهم هي بالأساس جزء من قيمة أصول الشركة المصدرة له وهذه الأصول تزداد قيمتها مع ارتفاع نسبة التضخم لذاك تعد مخزناً آمنا ومضمون القيمة، أضف إلى ذلك احتمال تحقيقها للربح بارتفاع أسعارها لأسباب لا تتعلق بالتضخم مثل ازدهار وتوسع أنشطة الشركات المصدرة لها وكذلك الأرباح التشغيلية التي تحققها وتوزع بشكل دوري على حملة الأسهم.
وبحسب تجربة الاستثمار بالأسهم في سورية منذ ١٢ سنة فأن جميع شركات المساهمة العامة المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية قد حافظت على قيمة أصولها العقارية والمتمثلة بأرصدتها بالقطع الأجنبي وحققت أرباح نقدية تشغيلية تفوق إجمالي أصولها ورأسمالها.
واختتم الدكتور فضيلة بميزة أخرى للاستثمار بالأسهم تتمثل بأن المستثمرون يستطيعون تحويل الأسهم إلى نقد وذلك ببيعها أو بيع جزء منها في البورصة متى أرادوا الأمر الذي لا يكون ممكناً أو متاحاً بهذه السهولة والسرعة بالنسبة للذهب والدولار عندما تكون أسعارها في السوق غير مناسبة عند الرغبة بالبيع.
سنسيريا – تحقيق: إبراهيم مخلص الجهني