سقوط الجمرات الثلاث (الأولى والثانية والثالثة) هي مؤشر لبداية انتشار الدفء وانكسار حدة البرد الذي سيطر على شهري كانون الثاني وشباط، حيث تسقط الجمرة الأولى وتسمى (الجمرة الصغرى) في 20 شباط على التقويم الغربي وتسقط الجمرة الثانية في 27 شباط و الجمرة الثالثة (الجمرة الكبرى) في 6 آذار.
الجمرة في اللغة هي القطعة من الفحم أو الخشب المتقدة نارها، وسميت الجمار بهذا الاسم لأنها ترتبط بما يحدث حقيقة في الطبيعة ببداية خروج الدف من الأرض.
فالجمرة الأولى التي تسقط في 20 شباط تسمى جمرة الهواء حيث يشعر الناس بدفء الهواء.
و الثانية في 27 شباط و هي جمرة الماء حيث يشعر الناس بدفء الماء.
و الثالثة في 6 آذار وهي جمرة الأرض حيث يشعر الناس بدفء الارض.
وعلميا يحدث في هذا اليوم تعادل بين ما تكسبه الأرض من الإشعاع الشمسي وما تفقده من الإشعاع الأرضي، وبعد يوم 20 شباط تبدأ الأرض باكتساب حرارة من الإشعاع الشمسي أكثر مما تفقد لذلك عد هذا اليوم موعدا لسقوط الجمرة الأولى.
تعود قصة هذه الجمرات إلى ما ذكره “القزويني “في كتابه “عجائب الخلق “(73) قال:
“معنى سقوط الجمرات:
أنّ النّاس كانوا يتخذون في قديم الزمان أخبية ثلاثة في الشتاء، محيطاً بعضها ببعض، وكانت دوابهم الكبار كالإبل في البيت الأول، ودوابهم الصغار كالغنم في البيت الثاني، وهم كانوا في البيت الثالث وكانوا يشعلون جمرات النار في كل بيت، و يتخذون الجمر للاصطلاء، فإن كان السابع من شهر شباط، أخرجوا دوابهم الكبار إلى الصحراء، وجعلوا الصغار مكانها، وهم سكنوا مكان الصغار، فحينئذٍ سقطت من الجمرات الثلاث جمرة، فإذا مضى أسبوع آخر، أخرجوا الغنم أيضاً إلى الصحراء، وهم سكنوا مكانها فسقطت جمرة أخرى، فإذا مضى أسبوع آخر، خرجوا إلى الصحراء وتركوا إشعال النار لقلة البرد، فسقطت الجمرات الثلاث “.
على هذا المعنى، اتخذ مصطلح سقوط الجمرات، ليصير معنًى لمراحل الدفء في الربيع، فسقوط الجمرة الأولى كناية عن بداية انتهاء برد الشتاء القارس، أمّا سقوط الجمرة الثانية فكناية عن بدء الشعور بدفء الربيع، وأما سقوط الجمرة الثالثة فكناية عن الشعور بحرارة الشمس.
يرتبط سقوط الجمرة الأولى بظهور وبداية دورة حياة دودة أبو قطيف (دودة الربيع) حيث تخرج وتضع لنفسها شرنقة مثل العنكبوت، حيث يدل ظهورها على ارتفاع درجة الحرارة، وتستمر هذه الدودة حتى نهاية الصيف.
من المؤشرات التي تدل على ارتفاع حرارة الأرض بعد سقوط الجمرة الأولى أنه يحدث خلال أيام النصف الثاني من شباط والنصف الأول من شهر آذار أن يزداد التبخر بشكل كبير من الأراضي المحروثة جيدا، حيث يتصاعد البخار كأعمدة الدخان، عندما تكون الأرض رطبة بعد فترة من هطول أمطار غزيرة، وهذا كان مؤشرا أكيد عند القدماء على ارتفاع حرارة الأرض وتراجع حدة البرد على ثلاثة مراحل سميت بالجمرات، ولازال الناس يؤمنون بها حتى اليوم.
سقوط الجمرات من الناحية العلمية صحيح ويحدث في هذه المواعيد تقريبا (قبلها أو بعدها أحيانا) وكما ذكرت يرتبط الدفء ببداية اكتساب و ربح حراري للأرض أكثر من الفقدان، ولكن لا يفسر ذلك بأن الدفء بسبب التسخن القادم إلينا من السماء أو من جرم الشمس وسقوط جمرات منها كما ذكر البيروني في كتابه (الآثار الباقية).
اقرأ أيضا: رأس أسد وجسد كلب .. حيوانات غريبة تثير جدلًا واسعا في العراق