الإثنين , ديسمبر 2 2024

“خفايا” كمين “الليرة التركية”: آردوغان أربك خصومه وخلط الأوراق

“خفايا” كمين “الليرة التركية”: آردوغان أربك خصومه وخلط الأوراق

محمود عبد القادر:
يبدو ان المناورة المالية والمتعلقة بالسياسة النقدية التي قررها الرئيس التركي رجب طيب آردوغان خلال اليومين الماضيين دخلت فورا وبالنسبة لوجدان النخب التركية وعلى مستوى الخبراء في سياق تحضيراته لمعركة الانتخابات المثيرة وسط غابة من خطط إستهداف تخصه مع حزب العدالة الحاكم بعد عام ونصف وفي منتصف عام 2023.
وانشغل المراقبون والخبراء الاقتصاديون تماما خلال الساعات القليلة الماضية في تركيا بمحاولة قراءة وتحليل معطيات القرارات والاجراءات السريعة التي اتخذها الرئيس آردوغان والتي أدت فورا وبسرعة الى تخفيض سعر صرف الليرة التركية قياسا بالدولار وبنسبة 25% فيما يتوقع الخبراء الان وبعد رسالة التهديد التي وجهها اردوغان شخصيا وبصورة مباشرة لما يسمى في الاوساط التركية الان بـ”لوبي رجال الاعمال” والمجموعات النافذة التي تتلاعب بعملات الصرف وبالأموال الاجنبية وبسعر الليرة في إطار ضغط سياسي وهي رسالة إنذار من آردوغان يبدو انها خلطت الاوراق.
وفي تلك الرسالة ظهرت الرئاسة التركية وكانها تحتفظ بتصور ما حول حقيقة وخلفية ما يجري.
وبصرف النظر عن الحقائق والوقائع التي أوردها الرئيس آردوغان عن المتلاعبين من رجال الاعمال بالعملة وسعر الصرف يمكن القول بان الرسالة في الجانب السياسي لا بل بالأمني حققت أهدافها وردعت بعض المحاولات التي كانت ترصد في الاسواق خصوصا وان المؤسسات الامنية التركية لديها قناعة بوجود رابط بين عدة قوى في الداخل والخارج تحاول اخراج الرئيس التركي من معادلة الانتخابات المقبلة عبر معركة سعر صرف الليرة.
ويبدو ان سعر صرف الليرة التركية للدولار فى طريقه الى الانخفاض اكثر خلال الايام القليلة القادمة خصوصا بعد التحذير العلني الذي اعتبره خصوم حزب العدالة والرئيس التركي شكل من اشكال التسييس للازمة الاقتصادية والنقدية لا بل التغطية على مزاجية وقرارات الرئيس.
واهم ما في خفايا وتداعيات واسرار تحذيرات الرئيس التركي هو ما يتردد في الاوساط القريبة منه عن دراسته لسيناريو يقضي بإعلان وجود كيان موازي مرة أخرى بين لوبيات ومجموعات الضغط المتعلقة بالمال والاسواق المحلية.
وبالتالي الاستعداد في ظل قوانين الطوارئ وتعليماتها والصلاحيات الممنوحة للرئاسة بموجب القانون التركي لتوجيه ضربات لذلك الكيان في حال وجوده ضمن تكرار ملموس لسيناريو الانقلاب ولكن على اساس اقتصادي هذه المرة.
ويتردد لدى الاوساط القريبة من الرئيس التركي بان فرصته متاحة للانقضاض على خصومه الذين يحاولون التلاعب باسعار صرف الليرة وتاسيس حالة خنق اقتصادي على خيارات الرئيس بهدف اخراجه من معادلة الانتخابات الرئاسية.
لكن مناورة اردوغان العلنية والتي انتهت بتصفيق حاد وتأييد من قطاع واسع من الجمهور التركي نقلت الازمة الى الاطراف الداخلية الاخرى التي تحاول الاستثمار في كمين الليرة التركية على حد تعبير خصم بارز في الحركة القومية للرئيس التركي.
الازمة الآن في الطرف الاخر وتصريحات آردوغان شغلت الداخل والخارج والكثير من رجال الاعمال في الجبهات المخاصمة لآردوغان ولحزب العدالة دخلوا في حالة توقع للخيارات والخطوات المقبلة وفي سيناريو الضحية المحتملة.
وبسبب حساسية جزئية المصالح وطبيعة تفكير رأس المال يعتقد بان عمليات التلاعب في الاسواق الصغيرة والكبيرة توقفت مما ادى الى تحسن ملموس وسريع لسعر الليرة التركية و بهدف يرى مقربون من آردوغان انه يخدم خطته التي بدأت للتو لتكريس نفسه كمرشح للدورة رئاسية ثالثة ولا يوجد بديل عنه ولديه قدرة على إتخاذ إجراءات تخفض من سعر الليرة التركية قياسا بالدولار ولا يخلو برنامجه من أجندة اقتصادية قادرة على المناورة والمناولة والانقضاض اذا لزم الامر.
رأي اليوم