الخميس , مايو 16 2024
شام تايمز
طبيّاً: هل دخلت البلاد في دائرة الخطر

طبيّاً: هل دخلت البلاد في دائرة الخطر؟

دعمت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 كانون الأول عام 2012، قراراً يحث الدول بضرورة حصول الجميع بكل مكان على الرعاية الصحية الجيدة والمعقولة التكلفة “بوصفها أولوية لا يُستغنى عنها لتحقيق التنمية الدولية”، وعليه أعلنت الأمم المتحدة في 12 كانون الأول من كل عام يوماً دولياً للاحتفاء بالتغطية الصحية الشاملة.

شام تايمز

في “سوريا” يعاني السوريون اليوم من سوء وتدهور حاد فيما يتعلق بالتغطية الصحية في عموم البلاد، إذ بعد عقد كامل من الصراع الذي استنزف طاقة البلاد هناك الملايين اليوم مازالوا ينتظرون تزويدهم بالخدمات الصحية، مع مطالبات محليّة بتحسين أكثر للواقع الصحي من أي وقت مضى، ودعوة الحكومة إلى الاستثمار في النظم الصحية لجميع المواطنين.

شام تايمز

بلاد تفتقر للأطباء

تشير الإحصائيات إلى أرقام مرعبة تهدد مستقبل القطاع الطبي في البلاد اليوم، إذ استنزفت الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة الطبقة المتوسطة في عمومها ونالت شريحة القطاع الطبي نصيباً وفيراً من خيار الهجرة، الذي بات أسلوباً اجتماعياً للهروب بحثاً عن حياة أفضل، إذ وصل عدد أطباء التخدير ممن هم دون سن 30 عاماً لـ 4 أطباء فقط في عموم “سوريا”، بينما لا يتجاوز عدد الأطباء الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً ل 65 طبيباً فقط، أما أطباء التخدير الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و50 عاماً فيبلغ نحو 300 طبيب (وفق تصريحات سابقة)، أما ما تبقى من تلك الأرقام تمت إحالتهم إلى التقاعد، وهو ما يمكن اعتباره فضيحة طبية تعرض مسؤوليتها أمام القادة المحليين.

هذا التراجع الكبير دفع مختصين إلى إعلان “دخول البلاد في دائرة الخطر”، مدللين على ذلك غياب تام لأطباء التخدير في محافظات مثل “الرقة و “إدلب”، وتواجد قليل في “القنيطرة”،في حين يوجد اليوم 5 أطباء تخدير في محافظة “القنيطرة” و 6 في محافظة “درعا”، و 9 في “الحسكة” و 11 في “دير الزور” و 15 في “السويداء”، أما عن العاصمة “دمشق” ففيها 150 طبيباً و13 طبيب في ريفها.

وأمام هجرة الكفاءات في البلاد وفي مقدمتهم الأطباء والصيادلة، باتت تنتشر ظاهرة “الممرض الطبيب” بشكل كبير جداً في القرى والأرياف النائية، إذ غياب الرقابة وانعدام وجود أطباء في محيط بعض القرى دفع عدداً كبيراً من الأشخاص من حملة شهادة التمريض، إلى افتتاح صيدليات وتقديم معاينات طبية ووصف روشيتات دون الرجوع إلى طبيب مختص، وقد ازدادت هذه الظاهرة وتغولت بشكل كبير خلال العام الجاري مع انتشار وباء كورونا واضطرار السكان للتوجه إلى هذه الصيدليات.

أجور ضئيلة

تعتبر الأجور القليلة المحددة للأطباء دافعاً إلى الهجرة خارج البلاد، إذ أن الأجور في “سوريا “لا تقارن بأي دولة أخرى يغادر إليها الطبيب، وللحفاظ على الكوادر الطبية لا بد من تحسين أجور الأطباء، إذ أن التسعيرة الحالية التي يتعامل بها أطباء الأسنان مثلاً، حُددت عام 2014، لكنها لم تعد مناسبة الآن في ظل ارتفاع أسعار المواد الطبية السنيّة، وقس على ذلك جميع القطاعات الطبية.

وتتراوح أسعار معاينات الأطباء اليوم في القنيطرة، بين 4 و 15 ألف ليرة سورية، وهي تسعيرة يعتبرها الأطباء قليلة جداً مقارنة بالواقع المعيشي شديد الغلاء، هذا ويبلغ معدل رواتب الأطباء العامين 74 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل تقريباً 28 دولار أميركي (على سعر المركزي).

فقدان أدوية وارتفاع عام في الأسعار

تأمين الأدوية اليوم أصبح مشكلة كبيرة وعامة، وذلك لأن أنواعاً من الأدوية باتت تفتقد من الأسواق بشكل تدريجي، كما أن انقطاع أدوية معينة من السوق وارتفاع اسعارها دفع لاعتماد تجار الأدوية أسلوب “البيع الحر” بعيداً عن تسعيرة وزارة الصحة، وهو بمجمله انعكس سلباً على قدرة السوريين لاستكمال حالة الطبابة.

تعاني معامل الأدوية اليوم صعوبات في استيراد المواد الأولية وتجديد خطوط الإنتاج بسبب العقوبات الخارجية ولظروف داخلية استثنائية، إذ خرج 24 معملاً لصناعة الأدوية من الخدمة وتراجع الإنتاج بنحو 75% عما كان عليه قبل عشر سنوات، وأمام ذلك توقفت معامل الأدوية عن إنتاج بعض الأصناف التي اعتبرت تسعيرتها السابقة التي صدرت عن وزارة الصحة في حزيران الفائت غير منصفة، حيث كانت وزارة الصحة قد رفعت سعر أكثر من 11 ألف صنف دوائي بنسبة تقارب 30%، مع ذلك طالبت تلك المعامل برفع تسعيرتها إلى 100% بينما جاءت الزيادة بين 40 – 50% وهي زيادة لم تقبلها شركات الأدوية تماما كما لم يقبلها المواطن الذي يشعر أنها لا تناسب دخله القليل.

يعاني سوق الأدوية اليوم من موجة جديدة لفقدان أنواع أدوية معينة مثل المضادات الحيوية بكل أنواعها، وأمام ضغط معامل الأدوية وتذمرها الذي وصل للتهديد بالإغلاق أو الإفلاس تسعى وزارة الصحة اليوم لرفع سعر الأدوية للمرة الثانية.

هذا التردي الطبي ومع انتشار موجة كورونا دفع السكان إلى عدم الثقة بالخدمات الطبية الشاملة، التي تنظمها الحكومة في البلاد، واعتماد مصابي كورونا على أطباء خاصين في منازلهم والتي باتت تصل كلفة العلاج إلى أكثر من 5 ملايين ليرة سورية. والتي باتت عبء ثقيل يضاف إلى أعباء كثيرة.

إذ باتت اليوم المستوصفات والنقاط الطبية مراكز صحية مشلولة ولا يجمعها بالرعاية الصحية سوى اسمها، إذ أنها في أغلبها لا تعدوا أن تكون سوى مراكز للقاحات ضد شلل الأطفال التابعة للأمم المتحدة ولا تقدم أي شيء آخر.

سناك سوري – شاهر جوهر

اقرأ أيضا: لماذا لم يتصد الروس للعدوان “الإسرائيلي” على اللاذقية؟

شام تايمز
شام تايمز