هل اقترب موعد إعلان التوافق الروسي الأميركي في سوريا؟
توحي المؤشرات الدولية إلى قرب حدوث تفاهم مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على سيناريو تسوية سياسية في سوريا.
ولعل التصريحات الروسية والأميركية المتناغمة حول التأثير الإيجابي للتوافق في مجلس الأمن بين واشنطن وموسكو على تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا لعام جديد، تعكس مدى الرغبة لدى الجانبين في البناء على توافقهما داخل مجلس الأمن وما يمكن أن يكون قد سبقه خلال قمة الرئيسين الأميركي والروسي في مدينة جنيف، منتصف شهر حزيران الفائت.
السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنتونوف، قال إن بلاده تتوقع تسهيل عملية الوصول إلى تسوية سياسية في سوريا، وذلك بعد تقارب وجهات النظر في مجلس الأمن حول قرار آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وبحسب تصريحات السفير التي نقلتها وكالة “تاس” يوم الثلاثاء الفائت، فإن “إحدى النتائج الأكثر أهمية في الأيام الماضية تتمثل في تنسيق الجهود الروسية والأمريكية بشأن تسوية الوضع في سوريا”.
وأضاف، “بفضل التعاون الوثيق بين ممثلينا والجانب الأمريكي في نيويورك، تم اتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن قضية صعبة تتعلق بإمدادات المساعدات الإنسانية عبر الحدود للسوريين، ونعتقد أن هذا القرار سيسهم في تحقيق تسوية سياسية في سوريا في أسرع وقت ممكن، واستقرار الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام”.
وقرر مجلس الأمن الدولي، في 9 من تموز الحالي، تمديد آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لمدة عام عن طريق معبر “باب الهوى” الحدودي بين سوريا وتركيا.
وأقر المجلس التمديد لمدة 12 شهرا على مرحلتين كل منهما ستة أشهر، تمدد بناء على قرار الأمين العام للأمم المتحدة.
وعقب نجاح جلسة التصويت، صرّحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، للصحفيين، “أنا أراها بالتأكيد لحظة مهمة في العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، ويظهر ما يمكننا فعله مع الروس إذا عملنا معهم دبلوماسيًا على أهداف مشتركة”.
بالمقابل، وصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، التصويت بأنه “نقطة تحول تتماشى بالفعل مع ما ناقشه بوتين وبايدن في جنيف”.
صفقة سرية بين واشنطن وموسكو؟
الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الروسية، د.محمود الحمزة، اعتبر خلال حديث لـ “روزنة” بوجود تفاهمات بين الجانبين الروسي والأميركي، مرجحاً بعقد صفقة سرية بين الطرفين بعد القمة المنعقدة في مدينة جنيف السويسرية، بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ورأى الحمزة أن التصريحات الروسية والأميركية التي تبعت جلسة مجلس الأمن الدولي حول تمديد آلية إدخال المساعدات إلى سوريا، تدلل على تنسيق مشترك على أعلى مستوى، مضيفاً بالقول “هم ذاهبون إلى طرح سيناريو تسوية سياسية في سوريا”.
وتوقع ذهاب الطرفين خلال الفترة المقبلة إلى “تكريس الواقع السياسي، بما يؤدي إلى اعتراف أمريكي ببقاء الأسد على رأس السلطة.
من ناحيته رأى المحلل السياسي، حسن النيفي، بأنه ورغم احتمال وجود بوادر توافق أمريكي روسي بناء على التوافق الذي حصل بخصوص الشأن الإنساني، إلا أن “الواقع لا يشير الى أي معطى يؤكد ذلك، فالقضية السورية دخلت مرحلة هي غاية في التعقيد الذي يتمثل بتباعد المصالح بين واشنطن وموسكو”.
وتابع حديثه بالقول أن روسيا ولو يبدو عليها الاستعجال في إيجاد حل في سوريا طمعا في الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار، واستثمار المنجز العسكري الذي حققته في سوريا، لكن واشنطن غير مستعجلة ولا ترى لها مصلحة بالشأن السوري سوى أنه مرتبط بملف آخر هو موضوع إيران، على حد وصفه.
وأكمل متابعاً “ما تريده واشنطن من موسكو هو تعاون جدي ومثمر لإخراج إيران من سوريا، وعندها يمكن لواشنطن أن تتجاوب مع الرغبة الروسية للتنسيق بينهما، وطالما وقفت موسكو عاجزة عن إنجاز هذه المهمة، ستبقى واشنطن مسلطة سلاح العقوبات على سوريا من جهة، ورافضة لأي حل سياسي يلبي رغبة موسكو من جهة أخرى”.
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن في حزيران الماضي خلال لقاء مع نظيره الروسي، من أنّ وقف إيصال المساعدات عبر الحدود سيعرض للخطر أي تعاون مع روسيا بشأن سوريا في المستقبل.
وعقد الرئيسان محادثات في جنيف في الـ 16 من حزيران الفائت، وكانت هذه أول قمة روسية – أمريكية منذ عام 2018. وقال الرئيسان في بيان صحفي، إن الطرفين يعتزمان إطلاق حوار شامل حول الاستقرار الاستراتيجي.
إقرأ أيضاً: نشاط دبلوماسي كبير في دمشق