السبت , يوليو 27 2024
شام تايمز
العمل لإصلاح القطاع العام

العمل لإصلاح القطاع العام .. والأمل بخروجه من شرنقته

شام تايمز

العمل لإصلاح القطاع العام .. والأمل بخروجه من شرنقته

شام تايمز

شيء مؤسف هو هذا الحظ البائس للقطاع العام الذي لم تعرف أي حكومة من الحكومات لا الحالية ولا السابقات أن تتعاطى مع إصلاحه بجديّة سوى بالكلام والتنظير الطويل العريض الذي يُطلق في الفضاء الرحب بقوة، ولكن سرعان ما ينفلت من عقاله إلى أن يطير ويختفي .. وكأنّ شيئاً لم يكن.

شام تايمز

المشكلة التي تدفع إلى القناعة الكبيرة بضرورة وأهمية الإصلاح الاقتصادي للقطاع العام تتمثّل بالإمكانيات الهائلة التي يحتويها، وبالطاقات الكبيرة التي يستطيع تشغيلها واستثمارها، والفرص الثمينة التي يمتاز بها، ولكنها مع الأسف مهدورة تخسرها البلاد، ومسفوحة يُحرمُ منها العباد، بسبب بعض القوانين وأنظمة العمل البالية التي تُقيّدهُ وتَمْنَعَهُ من اتخاذ الكثير من القرارات الضرورية والمبادرات الخلاّقة.

غريب جداً أنّ تكون كل المحاولات التي جرت سابقاً لإصلاح القطاع العام قد باءت بالفشل على الرغم من الاهتمام الكبير الذي كنّا نلاحظه من الحكومات ومن اللجان التي كانت تُشكّل من أجل تركيب أضواء إنارة للطريق الواصل إلى ساحة الإصلاح المرتجى .. ولكن فجأة – ونحن ننتظر بكل تفاؤل دخاناً أبيضا يبشرنا بملامح خيرٍ قادم – وإذ تبدأ الصخور تتدحرج على ذلك الطريق تفتك بالأضواء، وتقطع سبيل الوصول إلى تلك الساحة .. فيضيع المسار .. وتُغلق الطريق وكأنّ شيئاً لم يكن.

الأنكى من ذلك كله أنّ كل حكومة تأتي تلغي كل شيء سابق وتبدأ – في هذا المسار – من جديد، وكل حكومة تأتي تبدأ في هذا المسار ويُغلق .. وكل حكومة تأتي ينغلق المسار أمامها وتفشل .. وكل حكومة تأتي تُصدر حزماً من القرارات لا تلبث أن تتلاشى وتضيع .. فما الحكاية ..؟!

بات من الواضح جداً أن هذا الأمر لا تقوى عليه الحكومات بغض النظر عن النوايا إن كانت مريرة أم طيبة، فمنذ أكثر من ثلاثين عاماً والمحاولات تُسجل الفشل تلو الآخر، ففي تسعينات القرن الماضي بدأت أولى المحاولات من خلال طرح فكرة ( الإدارة بالأهداف ) وقد تبنتها حكومة ( محمود الزعبي ) ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئاً .. ففشلت.

وفي بدايات القرن الواحد والعشرين، شكّلت حكومة ( محمد مصطفى ميرو ) لجنة ألـ / 35 / التي هدفت إلى وضع خطة لإصلاح القطاع العام .. ولكنها باءت بالفشل أيضاً وكأنها لم تكن.

وفي حكومة محمد ناجي عطري ظهر برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اشتغل عليه بقوة نائبه عبد الله الدردري، وبعد ( هيصة ) وأخذ ورد .. وحوار ونقاش ذاب وتلاشى أيضاً.

وكذلك في حكومة عماد خميس شُكّلت لجان واسعة النطاق من أجل إصلاح القطاع العام الاقتصادي، ولكن اللجان إياها تلاشت واختفت مع إقالة خميس.

وكانت حكومة حسين عرنوس الحالية قد شطحت في بيانها الوزاري بأنها ملتزمة بإصلاح القطاع العام الصناعي وإدخال صناعات جديدة وتعزيز استخدام التقانة والاستثمار الأمثل للعمالة المتوفرة، غير أنها اكتفت بذلك القول ولم تفعل شيئاً من هذا القبيل طبعاً .

هكذا المسألة تبدو وكأنها فوق مستوى الحكومات بالفعل.. فإزاء ذلك ما الذي يمكن أن نفعله ..؟

ما دامت كل المسارات السابقة والحالية باءت بالفشل في هذا المجال، فلا بد من البحث عن حل مجدي وحقيقي ينهي حالات الفشل هذه، التي تفاقمت وباتت هي بحد ذاتها مشكلة مزمنة تزداد صعوبة وتعقيداً، لا بد من مسارات أخرى تضمن نجاح عملية الإصلاح، وأن تكون مسارات مستقلة بذاتها، لا ترتبط لا بحكومة ولا بوزير، كي نضمن بقاء استمرارها وبلا توقف رغم كل التغييرات الوزارية والحكومية المحتملة .. ولكن كيف ..؟

نحن نعتقد أن هذا ممكن من خلال القانون، فلو أن هناك تشريعاً معيّناً ينظم عملية الإصلاح، ويجري اختيار وتعيين لجنة متخصصة – عبر القانون نفسه – بعناية أو عدة لجان مهمتها تنفيذ هذا القانون وبلا توقف، وعبر برنامج زمني محدد، ومواد حاسمة لا تقبل التأويل ولا التأخير، فإننا قد نصل بذلك إلى ساحة الإصلاح فعلاً.

أما أن نبقى هكذا .. نكتب ونمحي .. ومن ثم نمحي ونكتب .. فلن نصل إلى نتيجة سوى تضخيم الخسارات وزيادة الفرص الضائعة.

إن الشعار الذي يطرحه السيد الرئيس بشار الأسد في حملته الانتخابية ( الأمل بالعمل ) يدفعنا اليوم بقوة أكبر نحو إدراك أهمية إنجاز هذا العمل، لاسيما وأنه تطرق كثيراً وبمناسبات عديدة إلى أهمية القطاع العام وضرورة إصلاحه.

سينسيريا – علي محمود جديد

اقرأ أيضا: لماذا صورة عمل الجمارك مرتبطة بالمنافع المشبوهة

شام تايمز
شام تايمز