خالد العبود: الخارطة السياسيّة.. للسباق الرئاسيّ في سوريّة
-بالقرار الأوليّ للمحكمة الدستوريّة، في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، تمّ قبول أسماء ثلاثة من السادة الذين قدّموا طلبات ترشيحهم، وهم:
-السيد عبد الله عبد الله.
-السيد الدكتور بشار الأسد.
-السيد محمود مرعي.
هؤلاء السادة الثلاثة هم حقيقة يمثلون خارطة سياسيّة وطنيّة، علماً أنّهم لم يقدّموا طلباتهم للترشيح وفق انتماءاتهم السياسيّة، كون أنّ الدستور والقانون لا يقول بذلك، لكن المسألة في جوهرها السياسيّ ليست كذلك، لهذا سوف نحاول هنا التعريف سياسيّاً، بالسادة المرشحين الثلاثة..
-أولاً..
السيد عبد الله عبد الله هو قياديّ في “حزب الوحدويين الاشتراكيين”، وهو حزب يعتبر نفسه أساس “البعث التاريخيّ”، خاصة وأنّه كانت قيادته أساسيّة ورئيسيّة في “حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ”، لكنّها اعترضت على قيادة “البعث” خلال مرحلة “الوحدة”، بالقبول بحلّ “الحزب”، لكنّها أيضاً، هذه القيادة، وبعد أن خرجت على “البعث المنحل”، رافضة “الحلّ”، كانت ترى في “الوحدة” مع “عبد الناصر”، حجر الأساس الرئيسيّ لنهوض الأمّة..
وهو “حزب” استمرّ في النضال، وشارك في قيام “الحركة التصحيحيّة”، إلى جانب المرحوم “حافظ الأسد”، وبقي في الساح حتّى يومنا هذا، والسيد عبد الله عبد الله هو عضو في “المكتب السياسيّ” في هذا الحزب..
-ثانياً..
السيد الدكتور بشار الأسد، وهو المرشّح الثاني الذي أعلنت “المحكمة” عن اسمه، وهو الأمين العام “لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ”، وهو قائد مجرّب خبره السوريّون جيّداً، على مدى عقدين من تاريخ سوريّة، إذ أنّه يرتكز على ظهير سياسيّ عريق، يتمثّل في موقعه الهام على مستوى “الحزب”، إضافة إلى تحالفات، حزبيّة وغير حزبيّة، سياسيّة واسعة على مستوى الخرائط السياسيّة للداخل السوريّ..
هناك ميزة هامة، وخصوصيّة ذاتيّة عالية، سوف تمنح الدكتور بشار الأسد، حسم السباق الرئاسيّ لصالحه، وبفارق أصوات عالية جدّاً، لماذا، لأنّ الدكتور الأسد لا يعتمد فقط على وضعه السياسيّ، أو موقعه السياسيّ، على الخارطة السياسيّة في سوريّة، وإنّما يتجاوز ذلك بكثير، نحو موقعه الوطنيّ الواسع والكبير، على الخارطة الوطنية للشعب السوريّ!!..
فالسوريّون، وبنسبة عالية جدّاً، ترى في الدكتور الأسد، رمزاً جامعاً، وضامناً، ومعادلاً وطنيّاً لاستقرار سوريّة وبقائها، خاصة وأنهم يرون به، السوريّ الذي قاد الحرب في صدّ العدوان على بلادهم، ونجح نجاحاً باهراً في الحفاظ على بقاء الدولة، والحفاظ على سوريّة موحدة..
-ثالثاً..
السيد محمود مرعي، وهو المرشح الثالث الذي أعلنت “المحكمة” عن اسمه، وهو سياسيّ سوريّ معارضٌ، ينتمي إلى التيّار الناصريّ، ضمن النسق السياسيّ الذي انسحب من “الجبهة الوطنية التقدمية”، منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وبقي يعمل بصيغة سلميّة معارضة، رغم أنّ البنيّة الدستورية والقانونية للدولة، لم تكن تسمح بذلك، غير أنّ الأحزاب التي انخرطت في “الجبهة” أبقت على علاقة وديّة مع هذا النسق الذي لم يتورّط، كما تورطت قوى سياسية أخرى، خاصة خلال أحداث الثمانينيات من القرن الماضي..
في مطلع العدوان على سوريّة، شكّل هذا النسق الناصريّ، “هيئة للتنسيق”، انخرطت في مفردات العدوان، بقيادة “المعارض حسن عبد العظيم”، وذهبت بعيداً في بعض مواقفها، خاصة عندما شرعنت استعمال القوة في مواجهة مؤسسات الدولة..
السيد محمود مرعي كان رئيسيّاً فيها، لكنّه اختلف مع قيادتها، وكان له رأي آخر، خاصة فيما يتعلق ببعض مواقف “الهيئة” و”رئيسها”، والتي شرعنت الاستعانة بقوى خارجية، والاستقواء بها على الدولة ومؤسساتها، فما كان من السيد محمود مرعي إلا الخروج على “الهيئة” ومشروعها، وتشكيل “جبهة معارضة”، مع بعض الشخصيات السوريّة المعارضة الأخرى، ولم يزل يعمل من خلالها، كقوّة سياسية معارضة..
-أخيراً..
وبذلك تكون الخارطة السياسيّة للقوى السياسيّة الحاضرة على الساحة الوطنيّة السوريّة، حاضرة تماماً في عملية السباق الرئاسيّ، على مستوى الوطن..
اقرأ ايضاً:سوريا… محطات تاريخية ودساتير حاولت تنظيم حياة سياسية صاخبة