خالد العبود: “الحلف برأسه “الإيرانيّ”.. يبدأ “بملء الفراغ”!
كتب السيد خالد العبود النائب في مجلس الشعب السوري تحت العنوان أعلاه :
-تدرك أطراف “حلف المقاومة” جيّداً، أنّها غير قادرة على أن تملأ “فراغ المنطقة” وحيدة، وذلك بعد إفشالها للهيمنة والعدوان الأمريكيين، ليس لضعفٍ بها، وإنّما أخذاً بعين الاعتبار الطبيعة “الجيوسياسيّة” للمنطقة، والمصالح الكبرى المرتبطة بها، والصراع الكبير والتاريخيّ عليها..
-لهذا فإنّ “الحلف” يدرك جيّداً، أنّ المنطقة تحتاج إلى ترتيب جديد، يناسب الأهداف والمصالح التي قاتلنا من أجلها، وقدّمنا تضحياتٍ جساماً في سبيلها، لذلك تراه يبحث عن مفاصل تشبيك جديدة، مع قوى إقليميّة وغير إقليميّة، كما يحاول العمل على معادلات استقرار تتناسب والأهداف التي يعمل عليها، إضافة إلى ذلك، فهو يحاول ترتيب خرائط الوجود والحضور لقوى دوليّة، على مستوى المنطقة، بحيث لا تستطيع أن تنفرد قوى بعينها، كي تملأ “الفراغ” الذي أشرنا له أعلاه..
-يعمل “الحلف” على خلق سوق مصالح محكوم بإرادات أبناء المنطقة، بمعنى أنّه يدرك تماماً أنّ المنطقة مستهدفة لجملة أسباب قديمة وحديثة، وعليه فهو يحاول أن يقيم بنيّة تحتيّة وطنيّة، تناسب مصالح وحقوق أبناء المنطقة وشعوبها، ويدفع بعيداً في ربط مصالح المنطقة بمصالح قوى أخرى، إقليميّة وغير إقليميّة، من خلال بوّاباتٍ آمنةٍ بالنسبة له، ولها..
-إنّ الاتّفاق التاريخيّ، “الإيرانيّ – الصينيّ”، هو المفتاح الرئيسيّ الذي تحاول الجمهوريّة الإسلاميّة أن تملأ به “فراغ المنطقة” القادم، وهي هنا تجاوزت في علم السياسة كلّ الحسابات، وكلّ التوقعات، وفرضت صيغة لم تكن بحسابات الكثيرين، لقد شرّعت، وشرعنت، الباب لدخول الصين إلى المنطقة، وأعطتها أوليّة الحضور المصلحيّ، فهي لم تسعَ للتوقيع معها على اتفاقيّات دفاع مشترك، أو حرية استعمال أراضي وبحار وأجواء، أو أيّ صيغة مباشرة كلاسيكيّة، يمكن أن تستفيد منها الجمهوريّة بشكل تقليديّ، وممكن أن تؤسّس منصّة نفوذ تقليديّ بالنسبة للصين، على العكس تماماً، فقد أنهكت الأمريكيّ، وسحبت الأوروبيّ إلى “حمّام” بيت الاستثمارات الإيرانيّة، ثمّ ذهبت إلى الصينيّ الذي لم يكن له ظلّ نفوذٍ مباشرٍ على مستوى المنطقة، وجاءت به شريكاً في اتّفاق هو الأهم في تاريخ الجمهوريّة..
-كثيرون لم يقرؤوا المسألة بأبعادها الدقيقة، ولم يدركوا أبعاد الخطوة من قبل الجمهوريّة، علماً أنّها كانت تعمل عليها منذ فترة زمنيّة بعيدة، وكانت تعدّ العدّة جيّداً لمثل هذه اللحظة، إذ أنّ اتفاقاً كهذا الاتفاق، وعلى أرضيّة صلبةٍ ومتينة، سوف يضع المنطقة بكاملها في مكان آخر مختلفٍ تماماً..
-ففي الآن الذي عملت فيه الجمهوريّة الإسلاميّة على إفشال الأمريكيّ في المنطقة، عملت على إنجاح قوى أخرى، خاصة على مستوى العناوين الكبرى، لكن وفق حسابات خاصة وحادة ودقيقة، تماماً مثلما فعلت سوريّة مع الروسيّ، ففي الآن الذي منعت دخول الأمريكيّ إلى سوريّة، استعانت بالروسيّ عسكريّاً، وفق حسابات دقيقة جدّاً، ونجحت بذلك في منع الولايات المتحدّة من استعمال قوّتها العسكريّة في سوريّة، أو الدخول إليها، وتفكيكها وسلب قرارها!!..
-بهذه الخطوة الهامة من الجمهوريّة الإسلاميّة، تكون ملامح خارطة المنطقة أخذت تترسّم شيئاً فشيئاً، ونعتقد أنّ الجمهوريّة بهذه الخطوة، منعت المنطقة من أن تقع في سوقِ حسابات قوى ترى بإمكانيّة الاستثمار في هذا “الفراغ”، استثماراً مطلقاً ومفتوحاً، لجهة عناوين كانت أهدافاً بالنسبة لعدوان الأمريكيّ نفسه!!..
-كما أنّ الاتّفاق ذاته مشغول عليه بحرص “إيرانيّ” كبير، وخبرة عريقة في فهم إقامة التحالفات، والمعايير والحدود الدقيقة التي تُدار فيها هذه التحالفات، إضافة إلى شيء جوهريّ ورئيسيّ في المشهد، وهو أنّ “الحلف” – والجمهوريّة رئيسيّة فيه – يعمل على إدارة المنطقة، من بوّابة فرضيّة أنّ الأمريكيّ أضحى غير قادرٍ على فرض نفوذه فيها أبداً!!..
-أيضاً علينا أن ندرك، أنّه بدخول الصين على ملفات الشراكة باستثمارات كبيرة في الجمهوريّة الإسلاميّة، سيفتح الأبواب لدول وحكومات أخرى، ترى في هذا الحضور “الصينيّ” حضوراً آمناً، لا تحرّكه أطماع أو مشاريع هيمنة، كانت تحكم سواه من قوى أخرى على مستوى العالم، كون أنّ هناك طرفاً قويّاً حدّد له شكل حضوره، وآليات حضوره، وحدود حضوره، وبالتالي رسّم له أبعاد نفوذه في هذا “الفراغ الجديد”!!..
خالد العبود
اقرا أيضا: مترجم عربي عمل لسنوات مع الخارجية الألمانية: حافظ الأسد كان الأصعب و الأكثر إتعاباً.. شاهد!