الأحد , مايو 19 2024
شام تايمز
ماذا يحدث داخل جبهة تحرير الشام

ماذا يحدث داخل جبهة تحرير الشام ؟

ماذا يحدث داخل جبهة تحرير الشام ؟

شام تايمز

في السابع من شهر نيسان الجاري أعلن كلٌّ من “بسام صهيوني” رئيس “مجلس الشورى العامّ” التابع لهيئة تحرير الشام و”جميل زينية” الملقب بـ”أبو مالك التلي” استقالتهما عن الهيئة – قبل أن يعود إليها الأخير في وقت لاحق – دون سابق إنذار، وهو ما طرح العديد من التساؤلات عن السبب الذي دفع الشخصيتين آنفَيْ الذكر للانشقاق دون توضيح للأسباب.

شام تايمز

وليست المرة الأولى التي تشهد فيها “هيئة تحرير الشام” انشقاقات إن كانت على صعيد الفصائل أو الأفراد، فبعد تشكيلها بأسابيع فقط قررت “حركة نور الدين الزنكي” الانفضاض عنها، ثم “جبهة أنصار الدين”، ثم تركها كلٌّ من السعوديين “عبد الله المحيسني” و “مصلح العلياني” اللذين كانا يعملان كـ”دعاة” فيها، ثم المصريين “أبو اليقظان” و “أبو شعيب”، واللذان كانا من أبرز المحرضين على قتال ميليشيا الجيش السوري الحر والقضاء على فصائله، و “أبو العبد أشداء” الذي تم اعتقاله لأشهر قبل إطلاق سراحه بسبب ظهوره بشريط مصور وكشفه الفساد المالي في الهيئة.

دلالة الانشقاقات وأسبابها

رأى الباحث في الجماعات الدينية “عرابي عبد الحي عرابي” أن خروج “أبو مالك التلّي” من “تحرير الشام” محكوم عمليّاً بدوافع ذاتيّة كأي انشقاق يجري عن أي تكتل، وقد يكون هناك البديل، أو قد يكون للشخص المستقيل رؤية في عدم جدوى الاستمرار لتغيّر الأفكار أو لعدم تحقيق الفاعلية المقصودة منه، أو قد يكون له مطالب لا يقوم تكتّله بتلبيتها، أي أن تكتلات أخرى داخل جماعته تهمّشه، ولذا يكون قرار الانسحاب مهمّاً له

وفي حالة “أبي مالك” يقول “عرابي” إننا “نراه من الأرقام الصعبة في جبهة النصرة سابقاً، وله مناصرون داخل الهيئة من العناصر، إلا أن تهميشاً يتعرّض له داخل الهيئة، وهو رجل قياديّ وعلاقات واسعة مع عدة أطراف، وقد فضّل سابقاً البقاء في الهيئة لحفظ وحدة الصف إلا أن مفارقته الآن جاءت بسبب إبعاده تقريباً عن كافة الملفات الحساسة، وتكتّلت المنافع والمزايا بيد مجموعات معينة من الهيئة، كما أن واقع الانسحابات العسكرية بحسب التسريبات دفعته للغضب وانتقاد قياداتٍ بعينها والمطالبة باستقالتها في بعض اجتماعات مجلس شورى الهيئة”.

وأضاف: “كما نعلم فإن وجوهاً مختلفة من الهيئة قالت بعودته إليها بعد لقاء مع الجولاني، وهذا يشير إلى وجود اتفاق بين الطرفين، على ترحيل أو حلّ الخلافات التي بينهما..

هناك أفراد في الهيئة قد ينشقون عنها، لأنها لا تلبي طموحهم الأيديولوجي، وبعضهم سينشق عنها لأنها أوقفت القتال، وبعضهم سينشق عنها لاحقاً إذا ما أغلقت المعابر التجارية مع تركيا وتعرضت الهيئة لحصار اقتصادي، إضافة إلى أن الهيئة ذاتها قد تنحلّ وتُقسَّم ضِمن عدة جهات”.

ويؤكد من جانبه الكاتب “مجاهد مأمون ديرانيّة” أن الذين أحاطوا بزعيم الهيئة “أبو محمد الجولاني” من المتنفذين والقادة نوعان:

الفريق الأول أيديولوجيون يحملون فكراً متشدداً ويرون أن التنظيم (جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام) هو الوسيلة لتحقيق أحلامهم وتنفيذ مشروعهم الذي يسعون إليه، مشروع الإمارة الإسلامية وتحكيم الشريعة، وهؤلاء بدؤوا يدركون منذ بعض الوقت أن “الجولاني” ليس أميناً على مشروعهم وأنهم لن يحققوه بالبقاء ضِمن دوائره (النصرة أو الهيئة) فبدؤوا بالانفضاض عنه فُرادى أولاً ثم بالجملة، وأعادوا تجميع أنفسهم في تنظيم “حراس الدين” الذي يحسب “ديرانيّة” (ظنّاً لا يقيناً) أن الجولاني كان سعيداً بإنشائه، لأنه سيخلّصه من العناصر المزعجة في تنظيمه، وسوف يكوّم تلك العناصر في كيان مكشوف يَسهل ضربه عند الحاجة، فيتخلص منهم بضربة واحدة في الوقت المناسب.

ويشير “ديرانيّة” في حديثه إلى أن الفريق الثاني من الذين أحاطوا بالجولاني هم المتسلقون الوصوليون الذين لم يقلّوا عنه براغماتية وميكيافيلية، إلا أنهم رأوا أنه يستطيع أن يحقق لهم ما يعجزون عن تحقيقه بأنفسهم لأنفسهم، وهؤلاء ينفضّون عنه عندما تكبر أحلامهم وطموحاتهم بشكل يفوق قدرة الجولاني على إرضائهم، وغالباً يحصل الشقاق والفراق بينهم وبينه بسبب الخلاف على المكاسب والمناصب.

فيتركونه بحثاً عن مناصب أعلى ومكاسب أكبر، أو ينجح في استيعابهم من جديد مع تقديم الثمن المناسب، وقد لفت في الوقت ذاته إلى أن هذا بالنسبة للقادة الكبار، العسكريين والشرعيين والأمنيين، أما عامة العناصر فأكثرهم مغفلون مخدوعون أو مضطرون إلى البقاء في التنظيم لأنهم لا يجدون قوتهم وكفايتهم في سواه.

الباحث والمفكر “عباس شريفة” يرى أنه وبعد “فشلها الذريع في إدارة العديد من الملفات باتت هيئة تحرير الشام اليوم في وضعية الرجل المريض الذي لا يقوى على استمرار الحياة ولم تأتِهِ المنية لتنهيه من الوجود وهذا الفشل كان على العديد من الأصعدة.

الفشل السياسي

فلم تستطع “تحرير الشام” أن ترفع تصنيفها من قائمة الإرهاب بعد كل الوعود التي تلقتها من قنوات سرية خاصة وبعد كل التحولات التنظيمية والفكرية التي أقدمت عليها لتتحول إلى كيان محلي غير أيديولوجي، الأمر الذي جعل من مستقبلها السياسي محلاً للشكوك ومن أحلامها بالاعتراف والتعامل الدولي معها متلاشيةً.

الفشل العسكري

على الصعيد العسكري لم تستطع “تحرير الشام” المحافظة على المناطق التي سيطرت عليها، خصوصاً بعد انكشاف هشاشة قوتها العسكرية أمام الجيش السوري.

“الجولاني” في مرحلة صعبة

يشير الباحث “عرابي” إلى أن التسجيل الصوتي الذي انتشر لـ”أبو الفتح الفرغليّ” القيادي في الهيئة، والذي يتوعد فيه الجيش التركي بالقتال، يمكن أن يكون غير مهمٍّ من الناحية العمليّة، نظراً لكونه شرعيّاً يقتصر دوره على تقديم الرأي في مجلس شورى الهيئة بالتوازي مع دوره الدعوي بين مقاتليها، إلا أن القرارات الحاسمة تعود -بطبيعة الحال- لقيادة الهيئة والعصبة المحليّة المتحالفة معها، خاصة مع شكر الهيئة في بياناتها تركيا على موقفها من القضية السورية وطلبها مواصلة دعم صمود الشعب السوري.

ويستطرد بأنه ومن ناحية أخرى فإنه لا يُستغرب أن يقوم “الجولاني” بإبعاد بعض المتشددين ممن لا يؤثرون على تماسك الهيئة أو يسببون انشقاقات فيها، وإذا كان أحدهم يملك تأثيراً قوياً في الهيئة فستعمل المجموعة المحيطة بالجولاني على تهميشه كخطوة أولى لدفعه للانسحاب أو لسحب تأثيره من مجموعاته.

ويردف: “بتقديري فإن هذه الفترة صعبة على الجولاني حيث تتطلَّب منه أن يحافظ على تماسُك الهيئة وأن يكون هناك حالة من التوافق داخلها بين المتشددين وبين سياسة الهيئة الحالية البراغماتية، وأن يضمن للهيئة الاستمرار في إدلب بشكلها الحالي..

ويبدو أن الجولاني سيتجه لإضعاف تأثير الأفراد الذين لديهم ميول متشددة وإضعاف المؤثرين ممن لا يضمن ولاءهم له، مقابل تعزيز صفوف المقربين منه بشكل مناطقي بطبيعة الحال بهدف تحقيق محاولة نجاة جديدة له في خضم التطورات الحالية والتي قد تؤول لتفكيك الهيئة”.

“الجولاني” على مفترق طريق

أوضح الباحث “شريفة” أن الجولاني اليوم على “مفترق طريق”، فإما أن يتجه إلى التيار المعتدل المحلي ويعلن حل الهيئة وتحويلها للواء عسكري مستقل ضِمن صفوف المعارضة السورية, ويتماهى مع السياسة التركية في المنطقة الشمالية التي يسيطر عليها شكلياً بعد التدخل التركي العسكري، ويقوم بعد ذلك بمحاربة تنظيم “حراس الدين” المرتبط بالقاعدة، وهذا يعني تقوية العناصر المحلية المنتمية للشمال، ضد المجموعات الراديكالية المتطرفة.

وإما أن يتجه للمواجهة مع تركيا وما يسمى الجيش الوطني، وهذا سيتطلب منه العودة لارتداء ثوب السلفية الجهادية والتحالف مع “حراس الدين” وإقصاء العناصر المناطقية لصالح تقريب العناصر الراديكالية.

وشدد على أنه وبكِلا الخيارين فإن قدرة “الجولاني” على الحشد والتعبئة باتت ضعيفة للغاية بعد فَقْده معظم القوة المحاربة، وإرهاق تنظيمه بكتلة بشرية إدارية وأمنية واقتصادية غير جاهزة للقتال مع ضعف الموارد المالية التي كانت تصله من قبل.

وينهي “شريفة” حديثه بالقول: “لا شك بأن الكلام السابق في سياق الظروف الذاتية المتعلقة بالوضع الداخلي لهيئة تحرير الشام، أما عند النظر للظروف الموضوعية الإقليمية والدولية المحيطة فإن ملف تحرير الشام كما هو معلوم معقَّد للغاية، ويرتبط بملفات أخرى تتفاوض كل من روسيا وتركيا عليها، لها علاقة بشرق الفرات والحل السياسي وإنهاء تنظيم «PYD» المصنف تركياً على أنه تنظيم إرهابي، كما أن «الجولاني» يسوّق لنفسه عبر شخصيات مختلفة لها علاقات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، سواء بهدف رفع التصنيف عن الهيئة، أو من خلال القبول بدور مستقبلي لقياداته للمناطق المحررة، وهي جهود ما زالت مستمرة لكن لا ندري مدى فاعليتها وثمرتها”.

نداء سوريا بتصرف

بعد الشعيرات.. عدوان جديد على جديدة يابوس.

شاركنا تعليقك على هذه المقالة في صفحتنا على موقع فيسبوك

شام تايمز
شام تايمز