الأحد , أبريل 28 2024
شام تايمز

كيف تساعدون رئتيكم في مواجهة المخاطر ؟

كيف تساعدون رئتيكم في مواجهة المخاطر ؟

شام تايمز

أتعرفون أن رئتيكم، من بين كل أعضاء جسمكم، هي الأولى التي تصاب بالشيخوخة ؟ فالرئتان، كما البشرة، تتعرضان لأقوى ضغط من الأوكسجين مقارنةً بباقي أعضاء الجسم. ومن المعروف جيداً أن الاوكسجين هو من أهم العوامل التي تشجع على الشيخوخة.

شام تايمز

كل الكائنات الحية تحتاج إلى الأوكسجين لإنتاج الطاقة، لكن الآلية ناقصة :

يتولد عن آلية إنتاج الطاقة ما يسمى بأنواع الأوكسجين التفاعلية أو ROS، وهي فضلات قد تكون سامة للجسم. هذه الفضلات تؤثر سلباً على كل الخلايا التي تحيط بها، ويجب أن يكون هناك باستمرار جيش من الجزيئات المضادة للاكسدة لتمنعها. مضادات الاكسدة هذه يمكن ان يصنعها الجسم مباشرة أو يستخرجها من الاطعمة التي يستهلكها.

لسوء الحظ، يحدث أحياناً أن تقف مضادات الاكسدة عاجزة امام ظروف معينة، وأن تصبح ال ROS، بشكل مؤقت أو دائم، متفوقة عددياً (في حالة العدوى، تلوث الجو، استهلاك التبغ أو مرض مزمن مثلاً). هذا الاختلال بالضبط هو ما يسمح لل ROS بمهاجمة الأنسجة المحيطة، ومن نافل القول إن الانسجة الرئوية هي خط الدفاع الاول. من جهة أخرى، فإن الغشاء المخاطي للمجاري التنفسية حساس بشكل خاص لأن الأنزيمات المضادة للاكسدة ضعيفة في هذه الخلايا.

غالباً ما يكون هذا الاختلال مؤقتاً، ولكن عندما يستمر، نلاحظ أن الأضرار على المدى الطويل تكون فادحة. وكلما كانت الأضرار متعددة، كلما ضعفت الدفاعات المضادة للأكسدة وتسارعت الشيخوخة !
تبدأ شيخوخة الرئتين “الطبيعية” بعمر 30 سنة

ما الذي سيحدث إذا تعرض الشخص لجوّ مؤلف بشكل حصري من الأوكسجين ؟ برهنت الأبحاث أن الأضرار في الرئتين تحدث بسرعة على مستوى الجريبات الرئوية وأن 24 ساعة كافية لتؤدي إلى حدوث عارض الضيق التنفسي الحاد.

تنعكس هذه السمية أساساً في إنتاج ال ROS بتركيزات تتجاوز قدرات مضادات الأكسدة في الجسم. هذه الفضلات هي السبب في أضرار لا يمكن إصلاحها تؤدي بدورها إلى تفاعلات التهابية خطيرة.

مع ذلك، في الأحوال البيئية العادية، لا يكون الضرر واضحاً أبداً، وخاصة أن الأنظمة المضادة للأكسدة في الجسم تكون قد حدّت من الأضرار إلى أقصى حد. لكن الأضرار البسيطة تتراكم على المدى الطويل وتصبح أضراراً فادحة: إنها الشيخوخة.

تقصر التيلوميترات (المرتبطة بطول العمر بشكل وثيق)، لا تعود آليات إصلاح الضرر تعمل كما يجب، فتفشل الأنظمة المضادة للأكسدة، وهذا ما يفاقم من تأثيرات الشيخوخة.

تصبح الأنسجة الرئوية أقل مرونة، أكثر قابلية للترشح : ابتداءً من عمر 30 سنة، يتراجع حجم النفخ الأقصى في ثانية واحدة FEV1 بمعدل 30 ملل كل سنة، لكن هذا التراجع يتسارع مع الوقت.

بالنسبة للاستهلاك الأقصى للأوكسجين، فهو ينخفض من 45 ml/min/kg في عمر 20 سنة إلى 18 ml/min/في عمر 80 سنة (أقل ب 60%).

هذه الأرقام معبّرة جداً، ولكنها لا تعكس الحقيقة. في الحقيقة، نادراً ما يكون عمر رئتيكم من عمركم. هناك عوامل عديدة أخرى تتضافر وتسرّع هذه الظاهرة الطبيعية، حتى أن أشخاصاً بعمر 35 سنة قد تكون رئاتهم في حالة شيخوخة.

من البديهي أن يتدخل العامل الجيني في المسألة، ولكن العوامل الأهم بكثير هي التلوث البيئي والتبغ : يُعتقد أن ال ROS تتضاعف 4 مرات في رئات الأشخاص المسنّين المدخنين مقارنةً مع غير المدخنين. إنه رقم مرتفع يساهم في الشيخوخة السريعة للرئتين، في نفس الوقت الذي يتدهور فيه نشاط الجريبات الرئوية كمضادات للأكسدة مع الوقت في حالة التدخين.

علاوة على التوقف الفوري عن استهلاك التبغ، هناك وسيلتان كبيرتان لاعتراض هذا العدّ التنازلي المرعب: النشاط الجسدي واستهلاك مضادات الأكسدة القادرة على تحييد ال ROS.

يلعب النشاط الجسدي، في كل عمر، دوراً رئيسياً في المحافظة على القدرات التنفسية وتحسينها. كل شخص ينقطع عن عادات الخمول السيئة ويلزم نفسه برياضة ملائمة لعمره، يحسّن فوراً حالة رئتيه ويبطئ عملية التدهور.

مع هذا، يحدث أحياناً أن يكون التدهور في وظائف التنفس متقدماً جداً لدرجة لا يعود فيها النشاط الرياضي ممكناً أو يصبح مؤلماً بشكل خاص. هذه اللحظة المرعبة هي ما يجب تجنبه بأي ثمن تحت طائلة الوقوع في خطر دوامة حقيقية من الشيخوخة المتسارعة.

الوسيلة الأخرى لمنع شيخوخة الرئتين ترتكز على زيادة استهلاك مضادات الأكسدة. برهنت دراسة حديثة، ظهرت سنة 2017، أن استهلاك 3 حصص على الأقل من الفواكه الطازجة في اليوم، وخصوصاً الطماطم والتفاح، يبطئ شيخوخة الرئتين الطبيعية بشكل ملحوظ ويساهم في إصلاح بعض الأضرار التي حدثت. بحسب هذه الدراسات، فإن التحسن ملحوظ أكثر عند المدخنين والمدخنين السابقين.

تتفق هذه الاستنتاجات مع النتائج التي توصل إليها باحثون آخرون بخصوص أن استهلاك البوليفينولات والكاروتينويدات، اللتان تمتلكان خصائص مضادة للأكسدة مهمة، يرتبط بتحسن عمل الرئتين وتباطؤ التدهور.

هل من المفاجئ حقاً أن نعرف أن هذه المغذيات النباتية هي جزيئات مضادة للأكسدة تنتجها النباتات لتدافع عن نفسها ضد الاعتداءات (حشرات، أمراض، أشعة فوق بنفسحية) وأنها مهمة لدرجة أنها تدفع الحيوانات إلى أن تأكل ثمارها ؟ يوجد من هذه المغذيات أنواع كثيرة. إذا عدنا إلى الدراسة المذكورة آنفاً، لوجدنا من بينها نوعان يلعبان دوراً كبيراً في حماية الأنسجة الرئوية :

الفلافونويدات، التي هي من أنواع البوليفينولات. في الدراسة المذكورة، عزا الباحثون التأثيرات المفيدة للتفاح إلى محتواها من الفلافونويدات. نجد هذه المغذيات المضادة للأكسدة في مختلف أنواع الفواكه أو في مكملات غذائية مستخلصة من التفاح.

اللايكوبين، الذي هو من أنواع الكاروتينويدات. نجده بنسب عالية في الطماطم، وهي الفواكه المذكورة في الدراسة على أنها الأكثر فعالية في مكافحة تدهور الجهاز التنفسي. نجد في الاسواق مكملات من اللايكوبين مهمتها الأساسية الوقاية من الأمراض وشيخوخة الخلايا.

برهن هذا البحث، من جهة أخرى، أهمية الجمع بين مضادات الأكسدة، للاستفادة من تأثيراتها المتآزرة فيما بينها. وهذا يمكن ترجمته عملياً بالاستهلاك الكبير للفواكه والخضار الطازجة بالإضافة إلى المكملات الغذائية ذات النوعية الممتازة.

كما رأينا، لا يفوت الوقت أبداً على مكافحة التدهور، وخصوصاً عندما يتعلق بنشاط أساسي مثل التنفس. الأداء الجيد للجهاز التنفسي أمر أساسي للمحافظة على نشاط جسدي معتدل، وهذا يؤثر فعلياً على كل وظائف الجسم، بما فيها جهاز المناعة وطول العمر.

هل تعرفون ما هي فوائد الحبة السوداء الصحية؟

شاركنا تعليقك على هذه المقالة في صفحتنا على موقع فيسبوك

شام تايمز
شام تايمز