الأحد , مايو 5 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

خالد العبود:العدوانُ.. ومعركةُ “كتلةُ النقدِ الوطنيّ السوريّ”!!!..

خالد العبود:العدوانُ.. ومعركةُ “كتلةُ النقدِ الوطنيّ السوريّ”!!!..

شام تايمز

-بداية لا بدّ من تثبيت واحدة هامة جدّاً، وهي أنّ هذه القراءة هي قراءة ذاتية، تخضع لثنائية “الخطأ والصواب”، قراءة ليس لها علاقة بأيّ من مؤسسات الدولة، كما أنّها ليس لها علاقة بالفريق الذي أدار هذه الحرب الاقتصاديّة، إضافة إلى التأكيد على أنّني لست فرداً من هذا الفريق!!..
——————————-

شام تايمز

-دارت هناك معارك كبيرة وخطيرة في ظلّ العدوان الكبير الذي كان يحصل على سوريّة، وهي معارك لم تكن عسكريّة صرفة، إذ أنّ جزءاً هاماً ورئيسيّاً منها كان استخباراتيّاً، وهذا ما كنّا نركّز عليه منذ الأيام الأولى، ولم يكن مطلوباً منّا توضيحها بشكل كاملٍ، باعتبار أنّها كانت معارك قائمة، وبالتالي فإنّ الإشارة لها أفضل بكثير من الغوص فيها، كون أنّ الغوص فيها كان يمكن أن يسيء لنتائجها أو مجرياتها!!!..

-أمّا الجزء الآخر من هذه المعارك فهي معارك اقتصاديّة طاحنة، لم يكن لها غبار يُذكر، استعملت فيها عقول باردة فذّة، وقلوب ساخنة جدّاً، كانت تحصل تحت ستر الظلام، وفي ليالي استغلها مقاتلون حقيقيون، بذلوا بذلاً كبيراً وجباراً، وسجّلوا انتصارات خارقة على العدو والخصم وأعوانهم!!!..

-لكل دولة “كتلة نقد وطنيّ”، ولكلّ “كتلة نقد وطنيّ” خارطة توزّع أو تواجد في المجتمع والدولة، أو بين الدولة والمجتمع، كما أنّ هذه “الكتلة” لها خارطة حضور أو وجود جغرافيّ، هذه الخارطة تتوزاع جزءاً محدّداً من هذه “الكتلة”، بمعنى أنّ هناك معادلة حاكمة لتوزّع هذه “الكتلة” على مستوى مناطق الدولة كلّها!!..

-إنّ “كتلة النقد الوطنيّ” لأيّ دولة لها دورة طبيعية حيّة، يجب أن تحافظ عليها، تماماً مثل الدورة الدمويّة، الكبرى أو الصغرى، في جسم الإنسان، إذ تجلّط الدم في مكانٍ ما منها، من مسالك وممرات هذه الدورة، يتوقّف القلب مباشرة عن الخفقان، وتكون حياة الإنسان لحظتها في خطرٍ كبيرٍ يمكن أن يؤدي ذلك إلى الموت، حتى ولو كان حجم الدم في جسم الإنسان لم يتعرض للنقصان أبداً!!!..

-إنّ “كتلة النقد الوطنيّ” على مستوى الدولة السوريّة كانت تتعرض لعدوان منظّم خلال العدوان الكبير على الدولة والمجتمع، كما أنّ دورتها الطبيعيّة بين الدولة ومؤسساتها من جهة، وبين هذه المؤسسات والمجتمع من جهة أخرى، كانت مستهدفة كي تتعطّل تماماً، وكي تتوقف عن دورانها الذي يعتبر رئيسيّاً في حياة الدولة ووجودها!!!..

-كان العدوان كبيراً وخطيراً على “كتلة النقد الوطنيّ السوريّ”، فجزء منه كان عدواناً مباشراً على قيمة هذه “الكتلة”، والتأثير عليها مقابل العُملات الأجنبيّة الأخرى، وهو ما توقف عنده كثيرون من الأخوة الاقتصاديين، منذ مطلع العدوان حتى يومنا هذا، وهناك قسم أو نوع من العدوان كان على “دورة النقد الوطنيّ السوريّ”، وهذا القسم أو النوع من العدوان جاء على صعيدين أو مستويين اثنين:

1-الأول كان من أجل تعطيل “دورة النقد الوطنيّ السوريّ”..

2-الثانيّ من أجل طرد “كتلة النقد الوطنيّ” من “الليرات السوريّة”، في المناطق التي تمّت “السيطرة” عليها بـ “كتلة نقد غير وطنيّة” من أي عملة إقليميّة!!!..

-الصعيد الأول من المعركة الطاحنة التي حصلت على تعطيل “دورة النقد الوطنيّ السوريّ”، أدارتها الدولة بكفاءة هائلة، فقد أبقت عليها حيّة دون “جلطات” قاتلة، علماً أنّ هذه “الجلطات” كانت تحصل من حين لآخر، من خلال نجاح أطراف العدوان في التأثير على مواقع مهمة ودوائر فاعلة ساهمت مؤقتاً في تعطيل أو توقيف الدورة” التقليدية لـ “كتلة المال الوطنيّ”!!!..

-في المناطق التي تمّت “السيطرة” عليها كان الخطاب الغرائزيّ الذي ركّزت عليه أطراف العدوان وأدواتهم، أن يمتنع المواطن عن دفع التزاماته تجاه مؤسسات الدولة، من رسوم وضرائب والتزامات واستحقاقات، إضافة إلى قطع علاقاته المالية الكاملة مع مؤسسات الدولة، وهو ما أوقف تماماً “دورة المال الوطنيّ” التقليديّة، بين الدولة ومجتمعها في هذه المناطق!!!..

-ماذا يعني أن تتمّ عملية إيقاف “دورة المال الوطنيّ” ووصولها إلى هذه المناطق، يعني ذلك أنّ العملة الوطنيّة المتداولة، أي الليرة السوريّة، سوف تتعرض لخطر فقدان قدرتها على الحضور وإلحاق الضعف بها وصولاً إلى انسحابها أخيراً ثمّ استبدالها بعملة طاردة جديدة، خاصة وأنّ هناك عُملات أخرى كانت قادرة على الحضور والتأثير والتداول بين المواطنين، وكان يُدفع بها من الخارج!!!..

-كان يمكن لقوى الجوار الفاعلة، والتي كانت رئيسيّة في الحرب على سوريّة، أن تدفع بعملتها باتجاه هذه المناطق، وتقوم بسحب العُملات الصعبة الأخرى التي كانت تُضخّ فيها، تحت عناوين مختلفة من تسليح وتشغيل ومساعدات وغيرها، باعتبار أنّ هذا كلّه كان يقدّم بالعُملات الأجنبيّة المعروفة!!!..

-لهذا عمدت مؤسسات الدولة السوريّة للحفاظ على “دورة المال الوطنيّ” في هذه المناطق بطرق أخرى مبتكرة، لم تنتبه لها أجهزة استخبارات أطراف العدوان، حتى أنّه لم يخطر ببالها ما كانت تقوم به تلك المؤسسات السوريّة المختصّة لجهة الحفاظ على الحدّ الأدنى للابقاء على هذه “الدورة”!!!..

-هناك عمليتان يمكن أن نذكرهما في هذه العجالة، باعتبار أنّ الحديث عنهما لم يعد سرّاً، إحداهما لها علاقة بالإبقاء على “دورة المال” والثانية لها علاقة بتثبيت توطين العملة الوطنيّة، ونعني بها الليرة السورية، وذلك في المناطق التي “سيطرت” عليها أدوات الفوضى:

1-الأولى لها علاقة بحيوية “الدورة المالية”، حيث جهدت مؤسسات الدولة بالإبقاء على شريان دفع الرواتب للمواطنين الذين هم داخل هذه المناطق، رغم عطالة “دورة المال” التقليديّة منها وإليها..

2-والثانية، وهي هامة جدّاً لجهة الإبقاء على توطين العملة ودعمها معنوياً كي لا يُدفع باتجاه الاستغناء عنها، حين تمّت طباعة ورقة الألف ليرة سوريّة ولم توضع عليها صورة رئيس الدولة، يومها ظنّ السوريون أنّ خطأ ما وقعت به مؤسسات الدولة المسؤولة عن الطباعة، في حين أنّ هذه المؤسسات يومها كانت تعدّ هذه الورقة لدفعها إلى المناطق “المُسَيطر” عليها، ولم تتعمّد أن تكون عليها صورة رئيس الدولة مخافة استغلال هذه الصورة وصولا إلى إتلاف العملة ونبذها!!!..

-هناك عشرات العمليات الأخرى التي ابتُكرت وتمّ تنفيذها من قبل عقل “أمنيّ اقتصاديّ” غير تقليديّ خاض معارك مشرفة، لكنّنا اكتفينا بهذين المثالين وعداً منّا بأنّنا سوف نتحدّث لكم لاحقاً عن عشرات الاجراءت التي اتخذتها الدولة في سبيل الحفاظ على “دورة النقد الوطنيّ السوريّ” حيّة في جسد الدولة ومجتمعها!!!..

-ومن النتائج والملاحظات الهامة التي أنتجتها هذه المعركة الكبيرة أنّ سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السوريّة ظلّت واحدة بين المناطق التي تمّت “السيطرة” عليها، وبين المناطق التي بقيت تحت سيطرة الدولة، باعتبار أنّ احتمالات أخرى كان يمكن لها أن تفرض واقعاً آخر، خاصة وأنّ الحرب استُعملت فيها كلّ الأدوات وكانت ذات سقوف مفتوحة لا رحمة فيها!!!..

-نعم لقد نجح العقل الاقتصاديّ للدولة في تثبيت “دورة النقد الوطنيّ السوريّ”، وخارطة “النقد الوطنيّ”، وبأساليب غير تقليديّة، كما أنّ هذا العقل نجح في الحفاظ على خارطة توزيع وحضور “كتلة” هذا النقد على كامل جغرافيا الدولة، رغم “سيطرة” أدوات الفوضى على أجزاء واسعة من هذه الجغرافيا، بمعنى آخر نجحت الدولة في الحفاظ على سيطرتها الاقتصاديّة على هذه المناطق رغم “سيطرة” أدوات الفوضى عليها عسكريّاً، وهو ما ساهم في إنقاذ الدولة من التفكيك والتقسيم وحتى الاحتلال!!!..

شام تايمز
شام تايمز