قثطرات قلبية منتهية الصلاحية, و المشافي الثلاث المتاجرة بها تتهرب من المسؤولية
حينما ضبطت “الجمارك” المشافي الخاصة الثلاثة متلبسة بقيامها بالمتاجرة في سلامة المرضى وصحتهم عبر التعامل بقثطرات قلبية وشبكات دوائية مهربة ومنتهية الصلاحية، اعتبرت الضابطة الجمركية ما فعلته إنجازاً عظيماً وقضية من العيار الثقيل، لكشفها مخالفات هذه المشافي في الوقت ذاته، باعتبار أن صحة المواطن خط أحمر، حيث توعد وقتها مصدر في الضابطة الجمركية بأنه سيتم اتخاذ إجراءات مشددة بحق هذه المشافي مع ذكر أسمائها الصريحة لتكون عبرة لغيرها بغية ردعها عن ارتكاب هذه التجاوزات، التي حتماً ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة في حال التساهل معها وعدم محاسبتها عن أفعال قد تسبب ليس ضياع أموال المريض أيّاً كان غنياً أو فقيراً وإنما صحته أيضاً لكونها دخلت في بازار المتاجرة مبتعدة بطيب خاطر عن دورها الإنساني.
كسب وقت
تابعنا هذه القضية منذ البداية وحتى الآن، نظراً لأهميتها ولكونها تهم شريحة كبيرة من المجتمع، لذا يفترض ألا تمر مرور الكرام، بحيث يمكن اعتبارها قضية رأي عام وذلك عبر ذكر أسماء المشافي الثلاثة بالاسم مع مخالفات كل منها، وهو للأسف لم يحصل حتى الآن، إذ تبخرت تهديدات الجمركيين، أو كما قال أحد عناصر الضابطة الجمركية: إنهم على ما يبدو أصبحوا “حنايين” فجأة، وخاصة بعد الوساطات الكثيرة للفلفة القضية، أو أقله التخفيف قدر الإمكان من العقوبات على المشافي، التي بادر أحدها إلى المصالحة مع دفع جزء من المبلغ المترتب عليه كغرامات تأميناً كبادرة حسن نية، بينما لجأ الآخرون إلى التهرب من المسؤولية عبر ادعاء عدم معرفتهم بأن القثطرات منتهية الصلاحية ومهربة، مع تحميل الشركات الموردة المسؤولية، وبناء عليه كسبت المشافي المزيد من الوقت، ما تتطلب من الجمارك إرسال كتاب إلى وزارة الاقتصاد من أجل معرفة إذا كانت المواد الطبية المضبوطة موجودة على قوائم المسموح أو الممنوع أو المقيد، وهو أمر استلزم وقتاً طويلاً، حيث لم يأت جواب الاقتصاد إلى الآن، ليكون آخر ما حرر في هذا الشأن أن “الاقتصاد” ستقوم بمراسلة شركات خارجية لمعرفة مصدر القثطرات القلبية والشبكات الدوائية، علماً أن هذا الإجراء لم يتم اتخاذه منذ البداية وإنما بعد تدقيق عناصر الضابطة كل البيانات ومعرفة مخالفة كل مشفى بدقة، حيث استلزم ذلك قرابة الشهر تقريباً، وبناء عليه ثبت وجود مخالفات وتجاوزات بحق هذه المشافي، لذلك وافقت على المصالحة، حيث قدرت الغرامات الجمركية المفروضة عليها بأكثر من 160 مليون ليرة، لكن على ما يبدو هناك من همس في أذنها من أجل إطالة الوقت قدر الإمكان بغية تخفيف العقوبات عليها بهدف تمييع القضية بطريقة أو بأخرى أو أقله عدم ذكر اسم المشافي حفاظاً على سمعتها، لكون إشاعة الاسم يعني خسارتها عدداً كبيراً من المرضى، الذين سيخافون حكماً من التوجه إليها على اعتبار أن أدواتها الطبية مهربة وغير مضمونة، فكيف إذا كانت منتهية الصلاحية، فحتماً سيجعلها تحسب مليون حساب لمجرد ذكر اسمها.
ومن أجل هذا السبب اختارت المصالحة ودفع الغرامات على اعتبار أن القيمة قد لا تشكل رقماً كبيراً لها نظراً لارتفاع فاتورة خدماتها الكبير، اللهم إلا إذا كان هناك من يضغط على الجمارك للتعامل مع هذه المشافي المخالفة بمنطق لين وعدم كسر خاطرها، في حين لا يجد هناك مشكلة في هدر أموال الفقراء وحرمانهم مالهم وصحتهم.
لا للفلفة للقضية
مصادر في الضابطة الجمركية وجمارك دمشق، رفضوا على نحو قطعي، وجود أي قبول من الجمارك لمحاولات لفلفة القضية إطلاقاً، فالتأخير الحاصل سببه اتباع إجراءات قانونية وإدارية للتأكد إذا كانت بعض القثطرات والشبكات مهربة أو مستوردة بشكل نظامي، علماً أنه ثبت وجود مخالفات واضحة سيتم بناء عليها مخالفة هذه المشافي وتغريمها بالغرامات المناسبة مع احتمالية إغلاق غرفة العمليات التي وجدت فيه القثطرات المنتهية الصلاحية، لذا القضية مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، علماً أن هناك قضايا تأخذ وقتاً أطول مما أخذته قضية المشافي هذه، في حين تغمز مصادر أخرى إلى وجود تساهل كبير من قبل الجمارك في حسم هذا الملف.
أمر ستكشفه القادمات من الأيام وذلك من خلال حسم وزارة الاقتصاد هذه القضية عبر التأكيد أن المواد المشكوك فيها مسموحة أو ممنوعة أو مقيدة، وبناء عليه تقرر الغرامات الجمركية، أو ربما تحال إلى القضاء لحسم القضية نهائياً من عنده، وهنا نتساءل: إذا كانت الجمارك قد ضبطت المشافي الثلاثة التي تتاجر بالقثطرات القلبية وجرى التأخير في إنهاء هذه القضية المهمة، لسبب أو آخر، أين وزارة الصحة من هذه المخالفات، وماذا فعلت لمحاسبة هذه المشافي ومراقبة أدائها عبر استخدام أدوات طبية مضمونة تحفظ حق المريض والمشافي في الخدمة والسعر؟!.
المصدر: تشرين