الأحد , أبريل 28 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

السوريون بين حرب البطون والعقول

السوريون بين حرب البطون والعقول

شام تايمز

ربما تكون مشكلة أو حالة صحيحة أن نبدو نحن السوريين اليوم في مرحلة تدفّق غير مسبوق للرؤى ووجهات النظر بشأن البلورة المناسبة لأفقنا كبلد مازال يخوض في محنة صعبة..

شام تايمز

فثمة من أطلق العنان لاستشرافات بعيدة المدى – حتى في الوسط التنفيذي – وصلت إلى حدود الاستثمار في اقتصاديات المعرفة ومخرجاتها التقنية المعقّدة، في بلد مازال ينوء بآلاف أطنان أوزار الحرب..ووطأة محاولات التجويع والتركيع والتهجير، التي أنتجت طوابير ممن بات زادهم خبز حكومتهم وليس إلّا..

فيما كان آخرون أكثر واقعيّة ببقائهم في مضمار الميزات النسبية والمطلقة المنحدرة من منشأ طبيعي في معظمها بحكم الموقع والجغرافيا.. وفي الحالتين يبدو الطرح ذا خاصيّة سورية بحتة، فهنا تتعدد المواهب والملاعب، من هواجس الحكومة المثقلة بمسؤوليات تأمين الرغيف واسطوانة الغاز..إلى مفازات الفانتازيا و أحلام اليقظة.

فقبل التطلّع نحو إعلان أنفسنا كـ”منصّة” لإنتاج التكنولوجيا العالية ومخرجات الصناعة الرقمية الذكيّة، والطيران إلى ما وراء البحار البعيدة لمحاكاة تجارب كبرى، يبدو علينا التفكير أولاً بما يُخرجنا جميعاً و”ليس فرادى” من دائرة النار التي أحاطنا بها من أقسموا بأموالهم ومصالحهم – أغلى ما عندهم – على تأبّط الشرّ لسورية “المُدانة” بتموضعها الجغرافي قبل أي تهمة أخرى..

الواقع أنه في أروقة القرار التنفيذي وفي الشارع و في الأرياف المأزومة بالإرهاب والفقر، يجري تداول شؤون أكثر مسؤولية وواقعية، هي الشغل الشاغل للدولة عموماً ..حكومة وشعب يترقّب فصول الصمود في ساحات المنافحة عن وطن مستهدف، وفي الأسواق والبيوت حيث تُرخي ضربات الحصار والحرب الاقتصادية بقسوتها على الجميع.

فلنفكّر – قبل اقتصاديات المعرفة – كيف سنخرج من دوامة الحرب والحصار، كيف سنلبي استحقاقات يوميات مواطن، ثم كيف سنعيد إنتاج ما حظينا به من موارد خام، تبدو واعدة فعلاً بإطلاق ملامح بحبوحة حقيقيّة في بلادنا على مستويات أفقية لا عموديّة ..؟؟

أليست من المفارقات القاسية بوقعها، أن تطوي حكومات وحكومات كل سنوات الرّخاء، ونكتشف الآن ومتى..على إيقاع طبول الحرب، أن صادراتنا تخلو من أي منتج حيواني مصنّع مثلاً، ونحن البلد الزراعي الغني بموارده وصاحب الصيت الذائع بخصوصياته ومفردات بيئته الزراعية بشقّيها النباتي والحيواني، بل نستورد ما هو أقل جودة مما يمكن أن ننتجه..؟!!

بكل الأحوال لا يمكن تجاهل أي من المطارح المتاحة لإحداث نقلات حقيقية على مستوى البنية الإنتاجيّة بعمومها، لكننا بأمسّ الحاجة لإعادة مطارح إنتاج كفايتنا الغذائية، بعد التشوهات التي لحقت بها على خلفيّات الأزمة والحرب “الشاملة”…بحاجة لمواجهة شاملة، لإطعام البطون الحاملة لتلك العقول الافتراضية التي تحلم باقتصاديات المعرفة والتكنولوجيا الذكية، قبل العقول الأخرى التي نعوّل عليها في إنتاجها.

اقرأ أيضا: صحيفة: تكاليف المعيشة بدمشق تسجل رقماً قياسياً في النصف الأول

ولا بأس بعد الحرب والانتصار أن نتجه لاستثمار المهارات المعرفيّة التي تجري الإشارة إليها حالياً، فالاستثمار في التكنولوجيا الذكية هو بنية فوقيّة، تتطلّب إنجاز متعلّقات القاعدة الإنتاجية أولاً، وهذه هي طبيعة العلاقة بين البطون والعقول، فلنملأ البطون كي تعمل العقول.

ناظم عيد _ الخبير السوري

شام تايمز
شام تايمز