الخميس , مايو 16 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

شمال غرب سورية.. الملف الشائك

شمال غرب سورية.. الملف الشائك
محمود عبد اللطيف
يمكن وصف الجبهة الشمالية الغربية من سورية بأنها آخر المعارك الفعلية بالنسبة للجيش العربي السوري، إذ أن الاحتمالات في المنطقة الشرقية من سورية تذهب نحو التفاهمات السياسية أكثر من احتمالات المواجهة العسكرية، إلا أن تنظيم “جبهة النصرة” وحلفاءه يأخذون إدلب وما يتبعها من مناطق إضافة إلى ريف حماة وحلب الغربي إلى مواجهة عسكرية حتمية بعد ارتفاع وتيرة الخروقات التي ينفذها التنظيم الذي أصبح مثار للتنافس للحصول على تبعيته من قبل الدول المعادية للدولة السورية.
قد تكون إدلب بوابة لعودة الدور السعودي إلى الملف السوري على المستوى الميداني بعد أن خرجت الرياض من حسابات الميدان بخسارة ميليشياتها لأرياف “دمشق – حمص – البادية السورية”، كما إن ملف شمال غرب سورية تحول إلى بوابة لعودة الدور القطري من باب المزاعم الإنسانية التي تدعم بشكل مباشر الهدف التركي في إحداث تغيير ديمواغرفي في المنطقة بما يفضي إلى تحويلها لمحمية للإخوان المسلمين الذين يقاتلون للصالح التركي، ولا يستبعد احتمال أن يتم نقل جملة من عناصر الميليشيات الإخوانية نحو الأراضي التركية لزجهم في معارك ضد “حزب العمال الكردستاني” سواء في تركيا أو العراق، ولكون الميليشيات المدعومة من أنقرة على عداء واضح وشديد في الظاهر مع “جبهة النصرة”، فإن احتمالات دخولها في معركة إدلب لدعم تنظيم “أبو محمد الجولاني” بات ضعيفاً، خاصة وإن الأخير كان قد شن حروبا واسعة على خصومه بهدف إعلان إدلب خاضعة لسطوته وحده.
بحسب جملة من المعطيات، فإن معركة شمال غرب سوريا التي باتت تعرف إعلاميا باسم “معركة إدلب الكبرى”، باتت وشيكة، فالحشود العسكرية السورية متواصلة بالانتقال إلى حدود المحافظة من الجهة الشرقية، وإلى ريف حماة، وبرغم إن التقديرات تشير إلى أنها لن تكون معركة واسعة إلا أنها ستكون متعددة المحاور، الهدف منها إنهاء وجود تنظيم جبهة النصرة وحلفاءه الأساسيين في المساحة الجغرافية التي اتفق عليها من قبل الدول الضامنة لمسار أستانا على أن تكون منطقة “منزوعة السلاح”، الأمر الذي عطله رفض تنظيم جبهة النصرة للاتفاق وعدم الانسحاب من هذه المساحة، وبالتالي قد تذهب القوات السورية نحو السيطرة على هذه المساحة بما يشكل ضغطا ميدانيا وسياسيا على الجانب التركي ليمارس ضغوطا جدية على الميليشيات الموالية له وعلى تنظيم “جبهة النصرة” لحل مسألة شمال غرب سورية بالوسائل السياسية.
المجهود الحربي الذي وفرته الدولة السورية لمعركة إدلب يفضي إلى أن المعركة لن تكون طويلة الأمد على الرغم من صعوبتها، وإن كانت التكتيكات التي قد يتبعها الجيش في المعركة غير متوقعة بكون لكل معركة خصوصيتها، إلا أن استخدام أكبر قدرة نارية للتأثير على خطوط العدو الأولى أمر تشير إليه حجم الوسائط النارية التي نقلت إلى المنطقة، ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن احتمال اشتعال ريف حلب الجنوبي الغربي أمر وارد بما يفضي إلى تشتيت القدرة الدفاعية للميليشيات وذلك بالاستفادة من كون النظام التركي كان قد نقل عدداً كبيراً من الميليشيات من إدلب إلى مناطق سيطرته في ريف حلب الشمالي الشرقي (جرابلس – الباب)، تمهيداً لمعركة قد يتورط بها في ضد وجود قوات سورية الديمقراطية في مناطق شرق الفرات، الأمر الذي قد يبدأه من مناطق غرب الفرات (منبج)، إذا ما استمر الحال في المدينة على ما هو عليه، وهذا ينعكس على قدرة الميليشيات في إدلب على الدفاع في حال بدأت أي عملية برّية سورية في المنطقة.
ولا يمكن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان التفكير في مصالح الدول المنافسة له كـ “السعودية”، ليمنح الميليشيات الأذن بالانتقال إلى إدلب للمشاركة في معركة خاسرة ضد الجيش العربي السوري، لكن ما قد يعقد الأمر على المستوى السياسي هو المعتاد من التصريحات الأوربية والأمريكية حيال المعركة، وقد تتجه هذه الدول بالتعاون مع “جبهة النصرة” لإخراج مسرحية جديدة تزعم فيها استخدام القوات السورية للأسلحة الكيميائية، وإن كان هذا التعقيد محتملاً لكنه لن يؤثر على مسار المعركة، إذ أن دمشق تعودت عليها ومن الطبيعي أن يكون لدى الدولة السورية وحلفاءها الاستعداد السياسي والنفسي لمواجهة هذه المزاعم.
المنجز العسكري الذي قد تحققه الدولة السورية في ملف إدلب من الضروري أن ينعكس على المسار السياسي هذه المرة، إذ أن أطياف المعارضة المدعومة من مجموعة من الدول على رأسها واشنطن، غالبا ما تعول على وجود مسلح تزعم تبعيته لها في الداخل، وإنهاء هذا الوجود سيضعها أمام ضرورة مواجهة الواقع الميداني الذي تتهرب منه بالوسائل السياسية التي تمنح لها من قبل الداعمين، وإن كان الحديث حالياً عن إحداث تغيير جذري في الدستور السوري بما يناسبها في تحقيق “تقاسم السلطة”، فإن الخروج من الميدان سيعني بالضرورة إجبارية عودتها إلى المنطق السياسي السليم والجلوس إلى طاولة تبحث من خلالها عن تعديلات دستورية لا كتابة دستور جديد.
آسيا

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز