الإثنين , أبريل 29 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

خالد العبود: الأسد يلقي خطاب الاستقالة!

خالد العبود: الأسد يلقي خطاب الاستقالة!
كتب أمين سر مجلس الشعب السوري خالد العبود :
طالما انتظر الكثيرون خطاب استقالته، وطالما انتظروا سيناريو خروجه من الأحداث ومن تفاصيل المعركة، وطالما كانوا يركّبون تصوراتهم وأفلامهم وأحلامهم حول ذلك، ويبدعون ويفسدون ويكذبون على ذاتهم أولا، وعلى الشعوب ثانيا، بأن الأسد ساقط، وأنه يكتب خطاب الاستقالة، ويستعد لالقائه، لكنه ينتظر ضمانات خاصة له ولعائلته بتأمين خروج آمن!!!..
في كل إطلالة للرئيس الأسد كان هناك من يصنع له تفاصيل ضعفٍ، ويخلق مفردات تردّدٍ، ويتصيّدُهُ بنقاط يظنّها أنها مفاتيح سقوطه، فضاعوا في غبار حذائه حيناً، وحيناً في ياقة قميصه، وحيناً آخر في تسريحة شعره، التي اعتبروها أنها تسريحة الخارج على عجلٍ من غواصة روسيّة في عرض البحر، وحيناً في نزلةِ برْدٍ جعلوا منها مشجب هزيمة وتردّدٍ ووهنٍ وضعفٍ، وكلّها تعد بأن الرجل كان يعد خطاب الاستقالة، غير أن أحدا أملى عليه في اللحظات الأخيرة أن يبقى رغم أنفه!!!..
ألم تكن تلك هي مفاتيح نشرات أخبارهم وتقاريرهم وتعليقاتهم على اطلالاته، وكلماته، ألم تكن تلك هي قراراتهم وتهيؤاتهم وأحلامهم وتمنياتهم، طيلة سنوات عدوانهم عليه، علينا ألا ننسى شيئاً من ذلك، وعلينا أن نتذكر هذا من حين لحين، وعلينا أن نرسّخه في أذهان الأجيال، لماذا، لأنّه مطلوبٌ منا أن نثبّت هذا للتاريخ، مخافة أن يأتيَ من يسرقه، ويضعه في سياقات أخرى، تكون في غير ما هي عليه..
ثم علينا من زاوية أخرى أن نثبّت هذا النموذج من البطولة، وهذا النموذج من الصمود والبسالة، وهذا النموذج من التحدّي الذي أطلّ علينا من خارج سياق التاريخ، ومن خارج سياق المنطق الذي يدرّس في الأكاديميات والجامعات، ومن خارج سياق ما أفادت به كلّ مراكز أبحاث ودراسات العالم!!!..
من جديد يطلّ علينا الرئيس الأسد، بذات وجه الشاب الأنيق الجميل، الطبيب الذي تطلّ عيون “ابن سينا” من بين أصابعه، في كل إشارة وفي كل تلميحة، فهو لا يحمل سبابة الوعيد والتهديد، لكن بين يده مشرط “الفارابي وابن الهيثم”، وهو لا يمتلك صوتاً عالياً يأسر قلوب الناس ويشدّ عواطفهم، لكنّه يمتلك لسان الأكاديميّ مهندس المفردات التي يضعها تماماً في زوايا العقل الطبيعية، التي يجب ان تكون عليها..
لم يخاطب الرئيس الأسد عواطف الناس، وربّما في بعض الاحيان كان يقدّم عليها الحقائق التي توجع العواطف ولا تحترمها، باعتبار أنّها حقائق بحاجة لها الواقع الموضوعيّ للأمة ومصيرها، فلا ينتظر منّا موجة تصفيق، على إيقاع استعراض بلاغيّ هنا أو اتكاءً على جذر تاريخٍ هناك، لكنّه يشدّ روحنا من عنقها، حين يقبض علينا بلغة جدّه “ابن رشد”، وهو يعيد تعريف هندسة العقل، ويضعه حيث يجب أن يكون، بعيداً عن ضجيج الانفعالات والغرائز التي غصّ بها عقلنا العربي!!!..
من جديد يطلّ علينا الأسد من “قصر الشعب”، من المكان الذي لم يغادره، من المكان الذي كان هدف أطماع الطغاة، من المكان الذي طالما أعِدتْ له الجيوش، وامتشق الغزاة رؤوسهم الحامية له، من المكان الذي ثابر عليه أن يبقى منصة كل اطلالاته، من باب تحدّي ذاته الجامعة لكلّ آهات السوريين، ذاته التي قاتلت بعظام كبريائها، حين كانت الأمة بكلّ اصطفافاتها، والأعداء والقتلة وناهبو قوت الشعوب بكل أشكالهم وألوانهم، يعدّون له المقصلة، ويمنعون عنه حتى هواء الأرض!!!..
أطلّ علينا من قصر شعبه على كتف “قاسيون”، يقول لعبدة الدماء والمال، ولخونة لم تبقِ العمالة بقية حياء على وجوههم، ولقتلة لم يتردّدوا في استباحة كلّ شيء وأيّ شيء، ولطغاة جمعوا كلّ إمكانيات العالم، وكلّ حقده وأوساخه وجبنه، وقاتلوه بها، يقول لهم لن تمرّوا أيّها الطغاة!!!…
نعم من شرفة “قاسيون”، حيث أعدّ لهم نار هزيمتهم جميعاً، وحيث أشعل لهم تلال رعْدهم وردعهم، وهضاباً مملوءة بالرفض والصبر والعنفوان، مستعيناً عليهم بابتساماتِ صغارٍ ترسم وجه الغد الآتي، ووجوه صبايا ينسجن على سنّارة اليقين انتصار شعب صبّ دمه فوق رمْح الأمل بالحياة، والتحف بعباءات كلّ أجداده، منذ “سرجون الثاني”، حتى آخر نبي صغير جميل خذلته قذيفة موجهة على مدرسة في “باب توما”، أو على أسوار “السيدة زينب”، مروراً بكلّ “بلالٍ” نادى “حيّا على الحياة” في صحن “الجامع الأموي”!!!..
نعم، من شرفة “قاسيون”، يستنير ويسترشد “بقبّة السيّار”، قبّة أحد أولياء الشام، وكلّ قباب ودماء وجراح وقلوب السوريين، أطلّ الرئيس الأسد، كي يلقي خطابه هذه المرّة معْلناً انتصاره عليهم، معلناً استقالتهم هم من التاريخ، واستقالتهم هم من الحياة، باصقاً بوجودهم السوداء، متقيّأ على كلّ ما جمعهوه وأعدوه، ومعْلناً أنّ العين تقاوم المخرز، وأنها تنتصر عليه، وذلك عندما تكون عيناً حقيقية، جذرها في العقل، ورؤاها الى الحقّ، تواجه الباطل وتتحدّى شره!!!..

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز