الجمعة , مايو 2 2025
شام تايمز

نارام سرجون:جيش الكراهية ووحش الإسلام .. من تهويد الغوطة الى تهويد العرب

شام تايمز

نارام سرجون:جيش الكراهية ووحش الإسلام .. من تهويد الغوطة الى تهويد العرب
منذ انطلاق مشروع الثورة السورية كنت أحاول أن أقترب من فهم عقلية المتورطين فيها ومقاربتهم للأشياء .. وأحاول أن أقترب من فهمهم للعلاقة مع الحياة .. ولكن كلما اقتربت منهم وجدت أن علاقتهم بالشعب السوري قائمة على بعد واحد وهو أن كل من لايتفق معهم 100% لايستحق الحياة لأنه عدو .. وبذلك سقط حق الحياة عن 90% من السوريين .. وبالنتيجة تحول الارهابيون الذين خرجوا يوما لبناء مشروع دولة شرع الله في سورية الى أشخاص غير قادرين على التأقلم مع الحياة على الأرض .. وصاروا لايفهمون العالم الا انه اما معهم او ضدهم .. ومن يستمع لما يقوله هؤلاء المسلحون وهم يصرخون ناقمين على كل شيء يجد انهم لم يعودوا حاقدين على الدولة السورية .. ولا على المؤيدين لها .. ولا على جيش الدولة .. ولا على الشبيحة .. ولا على ايران ولا حزب الله ولا روسيا .. بل صاروا يكرهون الشعب السوري كله .. دون استثناء .. ويتهمونه انه خذلهم .. ويكرهون العالم كله .. ويحقدون على البشرية كلها .. وصاروا مجموعة من الذين يعيشون في الكهوف .. مع أفكار وعقد نفسية لاحل لها الا الموت .. ويرون انهم الفئة القليلة المظلومة في الدنيا كلها التي باتت على حق وان البشرية كلها بملياراتها خذلتهم ولم تفهم سبب معركتهم المحقة ولامشروعهم الإلهي .. تماما كما يفكر اليهودي بالبشرية التي ظلمته واحرقته .. ولن يسامحها وستبقى مذنبة ..
هذه نتيجة منطقية لعدم فهم الحقيقة وللشعور بالضعف المنطقي والأخلاقي لمعتقداته وايديولوجيته التي لم تقنع أحدا .. حيث يتحول المصاب بهذه الهزيمة الى شخص عدواني جدا لايفهم سبب هزيمته الا انها بسبب تخاذل البشر جميعا الذين راوا في مشروع الإسلاميين نموذجا خلاقا يخيف الدنيا التي اعتادت طريقة عيش فاسدة فاجرة ..
ومافعلته فترة الربيع العربي هو أنها قامت بعملية “تهويد” للإسلاميين الذين تحولوا الى مجتمعات منغلقة الأفكار ومنبوذة بسبب ايديولوجيتها وعنفها واصرارها على ادخال الناس جميعا في دبنها رغما عنهم .. وانتزاع الاعتراف ان الثوار في الربيع العربي فئة مظلومة لاينصفها أحد وهي لن تسامح أحدا .. وأخطر نموذج يمثل هذا الانزياح كان مايسمى بجيش الإسلام .. أو مايمكن تسميته دون مواربة بجيش الكراهية ووحش الإسلام .. والذي حول المجموعة البشرية التي انضمت اليه بكل شرائحها الى نموذج للغيتو اليهودي الذي كان مشهورا في أوروبة حيث أحياء اليهود التي عزلت نفسها وفشلت بالاندماج مع محيطها المسيحي والاوروبي وكانت تنظر الي هذا المحيط على انه عدواني وكريه .. وهي تكرهه ويكرهها .. فنشأت ردا على ذلك النظرة الأوروبية المرتابة بالأحياء اليهودية المغلقة التي صارت نموذجا للمجموعات المنغلقة التي تخشى محيطها وترفض دخوله اليها وتعتبره يهدد طابعها وثقافتها الدينية .. وأستطيع أن أقول بأنه اذا كان من عمل شنيع قام به مايسمى جيش الإسلام الوهابي فهو انه قام بعملية تهويد للغوطة أي جعل سلوك جزء من سكانها صهيونيا في نظرته العدوانية للمحيط الدمشقي .. فالغوطة التي كانت ظل دمشق تحولت خلال فترة حكم جيش الإسلام الى جزيرة إسرائيلية على كتف دمشق .. تمارس لذة الانتقام والابتزاز والكراهية والتوحش بذريعة ان دمشق لم تتألم لألمها .. فصارت ترى امتدادها الوجودي في تل أبيب وتنتظر من تل أبيب ان تنصرها .. فصارت تقصف دمشق كلما تضايقت تل أبيب من دمشق .. وتنتخب الغوطة نتنياهو كلما أراد أن يقدم إنجازا لناخبيه .. فبمجرد أن يشير باصبعه إشارة بسيطة تنهال القذائف على سكان دمشق فتقتل الأبرياء وتشل الحياة .. أو يهلل جيش الإسلام للطائرات الإسرائيلية وكأنها طائراته الوطنية ويتضايق اذا اسقط الجيش السوري طائرات إسرائيلية .. وفيما تجد المستوطنين في تل أبيب والجولان يتنزهون تحت الشمس نجد سكان دمشق في الملاجئ أو يلزمون بيوتهم لأن جيش الإسلام تحول الى كتيبة إسرائيلية على مسافة صفر من دمشق .. ويسير الجندي الصهيوني مختالا على جسد الأقصى بحذائه فيما الجندي السوري مشغول بحماية دمشق من أنفاق الغوطة .. أو يذبح في الغوطة ..
وقد انتشرت في جمهور جيش الإسلام ثقافة الكراهية .. فصار أبناء تلك المجموعة البشرية الذين انضموا الى جيش الإسلام وأمثاله وفروعه مجموعة بشرية تحس أنها غير قادرة على التأقلم مع الحياة .. وصاروا يكرهون كل شيء .. حتى أنهم فضلوا الرحيل على أن يعيشوا في محيط لايحبهم ولايحبونه وبينه وبينهم ثارات .. وبدؤوا رحلة الشتات نتيجة عقدة الكراهية المستحكمة التي زرعتها فيهم فترة الانغلاق ..
اذا كنا نخشى يوما من عملية تهويد القدس والأراضي الفلسطينية والأقصى فستتكشف الحقائق الخفية وستبدأ مقابر الكلام المسكوت عنه بالظهور .. فالربيع العربي هو أكبر عملية تهويد خضع لها المجتمع العربي الذي صار يرى في أعداء إسرائيل عدوا له .. ايران وسورية وحزب الله .. والذي يهلل لقصف الطائرات الإسرائيلية وينتظر الناتو ليدمر له أرض العدو السوري .. ومن يستمع للاعلام العربي ولممثلي الدول العربية في مجلس الأمن ومايقوله بعض الجمهور العربي فلن يخامره شك بأن العقل الإسرائيلي نجح في عملية تهويد المشاعر والميول قبل أن يباشر عملية تهويد الأرض بشكل نهائي لبناء الدولة والأرض اليهودية .. وسنفاجأ أنه بعد الربيع العربي فان الزرع الذي ظهر هو عرب متهودون ومسلمون متهودون بمشاعرهم التي تكره كل محيطها وتتأقلم مع العيش مع إسرائيل .. بدليل ان العرب دفعوا مالا هائلا لتدمير سورية وهو مال لاينفقه ضد عدو إسرائيل سوى اليهود .. والعرب يقتلون اليمنيين والحوثيين لأنهم يرفعون شعار الموت لإسرائيل .. ويكرهون حزب الله ويعملون على هزيمته كما تعمل إسرائيل على ذلك .. ويكرهون الجيش السوري لأنه آخر الجيوش العربية التي تقف في وجه إسرائيل .. فيما يذهب بن سلمان ويبيع فلسطين مرة ثانية ويهدي ترامب القدس لإسرائيل ولكن كل هذا لايوازي مشاعر التعاطف مع مسرحية غوطة دمشق الكيماوية او “حلب تحترق” .. التي اجتذبت كل الشرائح العربية والمسلمة .. ولن تصدق الأجيال القادمة كيف أن النموذج المتهود الصهيوني المنغلق انتشر في المجتمعات العربية في جزر إسلامية تهدد محيطها وغيتوات المساجد المتطرفة التي صارت مثل جزر منبوذة معزولة تخاف الآخرين ويخافونها .. وأكبر مثال هو جيش الكراهية الذي كان يعيش في الغوطة على كتف دمشق .. فبعض المساجد لها مآذن عالية ولكنها تقول مايقال في أي كنيس يهودي .. وبعض القلنسوات البيضاء على رؤوس المسلمين صارت سوداء كما قلنسوات الحاخامات على رؤوس حاخامات الكراهية في مساجد المسلمين .. فالقلنسوات السوداء في تلك المساجد ستحارب العمائم السوداء اليوم .. والعمائم البيضاء غدا .. ويعمل البشر في خدمة اليهود الذين بلغت كراهيتهم حدا لايصدق .. فهم لن يسامحوا أحدا حتى الله .. الله الذي سيندم على طيشه بحقهم كما يقول التلمود:
يتندم الله على تركه اليهود في حالة التعاسة .. حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم .. فتسقط من عينيه دمعتان في البحر .. فيسمع دويهما من بدء العالم إلى أقصاه .. وتضطرب المياه.. وترتجف الأرض في أغلب الأحيان .. فتحصل الزلازل ..

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز

اترك تعليقاً