الخميس , مارس 28 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الجيش السوري يفرض أجندته الميدانية بمعزل عن التفاهمات الدولية؟

الجيش السوري يفرض أجندته الميدانية بمعزل عن التفاهمات الدولية؟

شام تايمز

شارل أبي نادر – عميد متقاعد

شام تايمز

قد لا يكون طبيعياً القول إن الجيش السوري يفرض أجندته الميدانية في الحرب التي شنت عليه، بمعزل عن التفاهمات الدولية والاقليمية، فالتدخلات الخارجية في سوريا كانت دائماً واضحة ومؤثرة، بطريقة مباشرة عبر وجود أكثر من قوة احتلال كالاتراك والاميركيين وبعض الوحدات العسكرية من دول أوروبية معروفة، وبطريقة غير مباشرة عبر إدخال ورعاية ودعم وتمويل وتسليح مئات آلاف المسلحين الارهابيين في الميدان السوري.

كما أن الحلفاء الخارجيين الذين إضطرت مرغمة الدولة السورية للاستعانة بهم، بعد أن ازدادت الضغوط الخارجية الهائلة عليها، لا يمكن عزل أو فصل أو التغاضي عن رأيهم وتأثيرهم على الساحة السورية، بالرغم من أن أحدهم لم يتجاوز أو يتخطى الدولة السورية بأي قرار يدخل ضمن سيادتها وسلطتها، بل جاءت جميعها بعد التنسيق فيما بينهم. ولأسباب استراتيجية دولية تفترضها مناورة المواجهة المشتركة.

ما يجري مؤخرا على الساحة السورية يوحي ويؤشر الى أن هذا الجيش يعمل بوحي ما تفرضه ضرورات الميدان ومعركة تحرير كامل جغرافية سوريا

هذا في الظاهر، لكن ما يجري مؤخرا على الساحة السورية من تقدم واضح ولافت للجيش العربي السوري، بشكل يسابق إنعقاد التفاهمات الدولية ونتائج القمم الرئاسية بين الدول الكبرى، يوحي ويؤشر الى أن هذا الجيش يعمل بوحي ما تفرضه ضرورات الميدان ومعركة تحرير كامل جغرافية سوريا، بمعزل عن توصيات أو اقتراحات أو تمنيات أو طلبات الدول الكبرى، والتي من المفترض أن يكون لها تأثير في حركة الميدان.

عمليا، بدأ مؤشر تحرك الجيش العربي السوري في الميدان بمعزل عن التفاهمات الدولية والاقليمية، عندما نفذ عملية واسعة نتج عنها تحرير الغوطة الشرقية، ولاحقا حرر كامل ارياف العاصمة دمشق في كافة الاتجاهات، وامتدادا الى ريف حمص الشمالي في الرستن والتلبيسة، وذلك بالرغم من أن جميع تلك المناطق كانت تخضع لاتفاق خفض التصعيد، والذي ترعاه روسيا وتركيا وايران بموجب لقاء استانة، والذي يمكن اعتباره اتفاقا ناتجا عن تفاهمات اقليمية دولية بامتياز، وقد تابع حينها عملياته العسكرية حتى النهاية دون أن يتقيد باتفاق خفض التصعيد، وذلك حين رأى أن ضرورة الميدان تفرض ذلك، خاصة بعد أن تجاوز المسلحون الاتفاق المذكور، في تنفيذهم عدة محاولات فاشلة للتقدم شمال شرق العاصمة، أو في مواصلتهم لاعمال القصف واستهداف المدنيين في دمشق.

لاحقا، وبعد أن أكمل تحرير كامل الوسط السوري، رأى الجيش العربي السوري أن تحرير الجنوب أصبح حاجة استراتيجية لحماية الوسط ولتوسيع سلطة الدولة على كامل الجغرافيا، فقررت قيادته التوجه جنوباً، بالرغم من وجود تفاهمات دولية ترعى تلك المنطقة، وحيث كانت تخضع لتفاهم روسي – اميركي – اردني منذ نهاية العام الماضي، وبرغم الصراخ الاقليمي والغربي، وبرغم التهديد الاميركي المباشر، وربما في مكان ما، برغم التحفظ الروسي، إستُكمِلت العملية العسكرية جنوبا بشكل واسع وخاطف، بعد أن حازت على كامل متطلباتها التكتيكية لناحية الدعم الجوي والمدفعي والوحدات الخاصة وفرق المدرعت، ووصلت بنتيجتها الوحدات العسكرية السورية الى كامل الحدود والمعابر مع الاردن، وعبر مناورة مركبة، في الميدان وفي التسويات، تم تحرير أغلب مناطق محافظة درعا.

تحرير الجنوب أصبح حاجة استراتيجية لحماية الوسط ولتوسيع سلطة الدولة على كامل الجغرافيا

اليوم، وفي ظل ما يتم تداوله لناحية الخطوط الحمراء، و التي وضعها العدو الاسرائيلي على الجيش السوري امام تقدم وحداته على الحدود مع الجولان المحتل ، ينفذ الاخير مناورة كاملة متكاملة في ارياف القنيطرة لإكمال تحريرها من الارهابيين، وذلك من ضمن عمل عسكري بحت ، يتمثل كما يبدو ، بتحقيق اختراق انطلاقا من جبا ومسحرة جنوبا، باتجاه تل الحارة ولاحقا نوى، ولهدف فصل ريف درعا الشمالي الغربي عن القنيطرة.

هذا العمل الميداني الذي ينفذه الجيش العربي السوري حالياً بين القنيطرة ودرعا، قد يكون الأكثر تعبيراً عن تحرك الأخير باستقلالية تامة بمعزل عن أي تفاهم اقليمي أو دولي، وكما يبدو ان هذه الاعمال العسكرية جاءت فقط لـغراض فرضها الميدان وفرضتها حاجة الجيش والدولة لتحرير تلك المنطقة، وذلك بمعزل عن تقييدات الخطوط الحمراء ومصالح الاطراف الخارجية، وبمعزل عن ما يتم الحديث عنه من تفاهمات روسية اسرائيلية، كانت تمحورت حول أن يتمهّل الجيش السوري في تقدمه نحو الحدود مع الجولان، ريثما تنتهي القمة المرتقبة في هلسنكي بين الرئيسين الاميركي والروسي.

وهكذا، واستناداً لما ذُكر أعلاه لناحية مسار التحرك الميداني العسكري للجيش السوري والذي تابعناه على كامل الجغرافيا السورية، يمكن القول ان الأخير فرض أجندته الميدانية دون انتظار أي تفاهم أو حوار أو لقاء دولي حول الوضع في سوريا، وبمعنى آخر، يمكن القول ان التفاهمات الدولية، السابقة والمرتقبة، كانت وستكون، لايجاد تدبير أو اجراء دولي لاستيعاب تقدم وسيطرة الجيش العربي السوري في الميدان، وليس العكس بتاتاً.
العهد

شام تايمز
شام تايمز